نوعا ونهى عن غيره اتبع، صرح به في المحرر. (أو) أعاره أرضا (لشعير) يزرعه فيها (لم يزرع فوقه كحنطة) لأن ضررها أعظم من ضرره، فإن خالفه وزرع ما ليس له زرعه كأن أذن في البر فزرع الذرة جاز للمعير قلعه مجانا، فلو مضت مدة لمثلها أجر فهل يلزمه أجرة المثل أو ما بين زراعة البر وزراعة الذرة؟ احتمالان: أوجههما كما يؤخذ من قول المتولي:
فإن فعل فكالغاصب الأول، وبه جزم في الأنوار.
تنبيه: تنكير المصنف للحنطة والشعير يوهم أنه إذا أشار إلى شئ معين منهما وأعاره لزراعته جواز الانتقال عنه كما هو الصحيح في الإجارة، والمتجه كما قال الأسنوي هنا منعه ولهذا عرفها في المحرر. وصرح في الشعير بما لا يجوز بقوله: لم يزرع فوقه، وفي الحنطة بما يجوز بقوله: ومثلها لدلالة كل منهما على الآخر. (ولو أطلق) المعير (الزراعة) أي الاذن فيها كقوله: أعرتك للزراعة أو لتزرعها، (صح) عقد الإعارة (في الأصح، ويزرع ما شاء) لاطلاق اللفظ. والمراد كما قال الأذرعي: أن يزرع ما شاء مما اعتيد زرعه هناك ولو نادرا حملا للاطلاق على الرضا بذلك. والثاني: لا يصح لتفاوت ضرر المزروع. قال الشيخان: ولو قيل يصح ويقتصر على أخفها ضررا لكان مذهبا، ورده البلقيني بأن المطلقات إنما تنزل على الأقل إذا كان بحيث لو صرح به لصح، وهذا لو صرح به لم يصح لأنه لا يوقف على حد أقل الأنواع ضررا فيؤدي إلى النزاع، والعقود تصان عن ذلك.
تنبيه: مثل ما ذكره المصنف بل أولى ما أعاره ليزرع ما شاء لأنه عام لا مطلق. (وإذا استعار لبناء أو) لغرس (غراس فله الزرع) إن لم ينهه لأنه أخف. وقيل: لا، لأنه يرخي الأرض، فإن نهاه لم يفعله. (ولا عكس) أي إذا استعار للزرع فلا يبني ولا يغرس لأن ضررهما أكثر ويقصد بهما الدوام. (والصحيح) وفي الروضة: الأصح، (أنه لا يغرس مستعير لبناء وكذا العكس) أي لا يبني مستعير لغراس لاختلاف الضرر، فإن ضرر البناء في ظاهر الأرض أكثر من باطنها، والغراس بالعكس لانتشار عروقه. والثاني: يجوز ما ذكر لأن كلا من الغراس والبناء للتأييد.
تنبيه: موضع المنع في الغراس ما يراد للدوام. أما ما يغرس للنقل في عامه، ويسمى الفسيل بالفاء وهو صغار النخل، فكالزرع كما نقله الرافعي عن الجويني. قال السبكي: وسكتوا عن البقول ونحوها مما يجز مرة بعد أخرى، ويحتمل إلحاق عروقه بالغراس كما في البيع إلا أن يكون مما ينقل أصله فيكون كالفسيل الذي ينقل. (و) الصحيح (أنه لا تصح إعارة الأرض مطلقا، بل يشترط تعيين نوع المنفعة) من زرع أو غيره قياسا على الإجارة. والثاني: تصح، واختاره السبكي، قال: ولا يضر الجهل لأنه يحتمل فيها ما لا يحتمل في الإجارة. ونقل ابن الرفعة الصحة عن العراقيين، وجزم به جماعة من الخراسانيين، فالخلاف قوي مع أن كلام المصنف يقتضي ضعفه. وعلى الأول: لو قال: أعرتكها لتنتفع بها كيف شئت أو بما بدا لك، ففي الصحة وجهان: أصحهما كما في المطلب الصحة، وقال السبكي: ينبغي القطع به، وقد صحح الشيخان في نظيره من الإجارة الصحة. والعارية به أولى، وعلى هذا فقيل: ينتفع بها كيف شاء، وقيل: ينتفع بما هو العادة في المعار.
قال الرافعي: وهو أحسن اه. وهو المعتمد كما جرى عليه ابن المقري في روضه. قال الرافعي: والوجه القطع بأن إطلاق الإعارة لا يسلط على الدفن لما فيه من ضرر اللزوم تنبيه: ذكر المصنف الأرض مثال لما ينتفع به بجهتين فأكثر كالدابة تصلح للركوب والحمل، أما ما ينتفع به بوجه واحد كالبساط الذي لا يصلح إلا للفراش فلا حاجة في إعارته إلى بيان لكونه معلوما بالتعيين. ثم شرع في الحكم الثالث وهو الجواز مترجما له بفصل، فقال: