البائع فلا يتمكن الموكل من الرد فيتضرر. (وإن جهله وقع) على الموكل (في الأصح) كما لو اشتراه بنفسه جاهلا.
والثاني: لا، لأن الغبن يمنع الوقوع عنه مع السلامة فعند العيب أولى. وأجاب الأول بأن الخيار يثبت في المعيب فلا ضرر بخلاف الغبن. (وإذا وقع) الشراء (للموكل) في صورتي الجهل، (فلكل من الوكيل والموكل الرد) بالعيب، أما الموكل فلانه المالك والضرر لاحق به، وأما الوكيل فلانه نائبه، ولأنا لو لم نجوزه له لكان المالك ربما لا يرضى به فيتعذر الرد لكونه فوريا ويبقى للوكيل فيتضرر به. أما إذا قلنا إنه يقع للموكل في صورة العلم فيرده الموكل وحده كما فهم من التقييد المذكور وإن أوهم كلام المصنف خلافه، والعيب الطارئ قبل القبض كالمقارن في جواز الرد كما نقله في الكفاية عن مقتضى كلام القاضي أبو الطيب وأقره. ولو رضي بالعيب الموكل أو قصر في الرد فيما إذا اشترى الوكيل في الذمة لم يرده الوكيل، إذ لاحظ له في الفسخ، بخلاف عامل القراض لحظة في الربح. ولو رضي به الوكيل أو قصر في الرد رده الموكل لبقاء حقه، هذا إذا سماه الوكيل في الشراء أو نواه وصدقه البائع وإلا وقع الشراء للوكيل لأنه اشترى في الذمة ما لم يأذن فيه الموكل فانصرف إليه. ويقع الشراء في صورتي العلم للوكيل أيضا، أما إذا علمه واشترى بعين مال الموكل فإن الشراء لم يصح.
فرع: لو قال البائع للوكيل: أخر الرد حتى يحضر الموكل لم يلزمه إجابته، وإن أخر فلا رد له لتقصيره ولو ادعى البائع على الوكيل رضا الموكل بالعيب واحتمل رضاه به باحتمال بلوغ الخبر إليه، فإن حلف الوكيل على نفي العلم رد وإن نكل وحلف البائع لم يرد لتقصيره بالنكول. فإن حضر الموكل في الصورة الأولى وصدق البائع في دعواه فله استرداد المبيع منه، أو في الثانية وصدق البائع فكذلك. وإن كذبه وقع الشراء للموكل وله الرد خلافا للبغوي، نبه عليه في أصل الروضة. أما إذا لم يحتمل رضاه فلا يلتفت إلى دعوى البائع. (وليس للوكيل أن يوكل بلا إذن إن تأتى منه ما وكل فيه) لأن المالك لم يرض بتصرف غيره، ولا ضرورة كالمودع لا يودع. (وإن لم يتأت) منه ذلك (لكونه لا يحسنه أو لا يليق به فله التوكيل) إذ تفويض مثل ذلك إليه إنما يقصد منه الاستنابة، وقضيته امتناع التوكيل عند جهل الموكل بحاله أو اعتقاده خلاف ما هو عليه، وهو كما قال الأسنوي ظاهر. (ولو كثر) الموكل فيه (وعجز) الوكيل (عن الاتيان بكله، فالمذهب أنه يوكل فيما زاد على الممكن) غيره، لأن الضرورة دعت إليه فيما لا يمكن بخلاف الممكن، وقيل: يوكل في الجميع لأنه ملك التوكيل في البعض فيوكل في الكل، وهذه طريقة. والثاني: لا يوكل في الممكن، وفي الزائد عليه وجهان. والثالثة:
في الكل وجهان. ولو وكله فيما يمكنه عادة ولكنه عاجز عنه لسفر أو مرض، فإن كان التوكيل في حال علمه بسفره أو مرضه جاز له أن يوكل، وإن طرأ العجز فلا خلافا للجويني، قاله في المطلب. وكطرق العجز ما لو جهل الموكل حال توكيله ذلك كما يؤخذ مما مر آنفا عن الأسنوي.
تنبيه: هل المراد بالعجز أن لا يتصور القيام بالجميع بذل المجهود أو أنه لا يقوم به إلا بكلفة عظيمة؟ فيه وجهان: في النهاية والبسيط أظهرهما الثاني كما يؤخذ من كلام مجلي في الذخائر. وحيث وكله في هذه الأقسام فإنما يوكل عن موكله، فإن وكل عن نفسه فالأصح في زيادة الروضة المنع. (ولو أذن) الموكل (في التوكيل وقال) للوكيل:
(وكل عن نفسك ففعل، فالثاني وكيل الوكيل) عملا بإذن الموكل، وقيل: إنه وكيل الموكل، وكأنه قال أقم غيرك مقامك. (و) على الأول (الأصح أنه ينعزل) أي الثاني (بعزله) أي الأول، (وانعزاله) بموته أو جنونه أو عزل موكله له.
والثاني: لا ينعزل بذلك، بناء على أنه وكيل عن الموكل. وعلى الأول للموكل أيضا عزل الثاني لأنه فرع الفرع كما ينعزل