بمائة وتقاصا، أو قال: بعتك الثوب بما ضمنته لك عن فلان فلا صح البيع ورجع بما ضمنه. ولو صالح الضامن المستحق من الدين على بعض أو أدى إليه البعض وأبرأه من الباقي رجع بما أدى وبرئ فيهما وبرئ الأصيل عن الباقي في صورة الصلح دون صورة البراءة، لأن الصلح يقع عن أصل الدين وبراءة الضامن إنما تقع عن الوثيقة.
فروع: لو أحال المستحق على الضامن ثم أبرأ المحتال الضامن هل يرجع الضامن على الأصيل أو لا؟ رجح الجلال البلقيني الأول، والمعتمد الثاني لقول الأصحاب: إذا غرم رجع بما غرم، وهذا لم يغرم. ومثل ذلك ما لو وهبه المستحق الدين فإنه لا يرجع، بخلاف ما لو قبضه منه ثم وهبه له فإنه يرجع، كما لو وهبت المرأة الصداق للزوج ثم طلقها قبل الدخول فإنه يرجع عليها بنصفه بخلاف ما لو أبرأته منه قبل قبضها فإنه لا يرجع عليها بشئ. ولو ضمن ذمي لذمي عن مسلم دينا فصالح صاحبه على خمر لغا الصلح فلا يبرأ المسلم كما لو دفع الخمر بنفسه. ولو ضمن شخص الضامن بإذنه وأد الدين للمستحق رجع على الضامن لا على الأصيل ثم يرجع الأول على الأصيل، فإن كان بغير إذنه لم يرجع على الأول لعدم إذنه ولا الأول على الأصيل لأنه لم يغرم شيئا. (ومن أدى دين غيره بلا ضمان ولا إذن فلا رجوع) له عليه لتبرعه، وفارق ما لو أوجر طعامه مضطرا قهرا أو وهو مغمى عليه حيث يرجع عليه لأنه ليس متبرعا بل يجب عليه خلاصه من الهلاك ولما فيه من التحريض على مثل ذلك. ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو أدى الولي دين محجوره بنية الرجوع أو ضمن عنه كذلك فإنه يرجع كما قاله القفال وغيره، وما لو صار الدين إرثا للضامن فإن له الرجوع لانتقال الدين إليه ولو كان الضمان بغير إذن. (وإن أذن) له في الأداء (بشرط الرجوع رجع) عليه وفاء بالشرط، (وكذا إن أذن) له (مطلقا) عن شرط الرجوع فإنه يرجع (في الأصح) إذا أدى بقصد الرجوع للعرف. والثاني: لا، إذ ليس من ضرورة الاذن الرجوع. وفي معنى الاذن التوكيل في الشراء إذا دفع الثمن فإنه يرجع على الراجح لتضمن التوكيل إذنه بدفع الثمن، بدليل أن للبائع مطالبته بالثمن والعهدة. ولو أذن له في الأداء فضمن لم يرجع لأنه أدى عن الضمان وهو غير مأذون فيه. ولو ضمن شخص الضامن بإذن الأصيل رجع عليه كما لو قال لغيره أد ديني فأداه. (والأصح أن مصالحته) أي المأذون، (على غير جنس الدين لا تمنع الرجوع) لأن قصد الآذن حصول البراءة وقد حصلت. والثاني: تمنع، لأنه إنما أذن في الأداء دون المصالحة فهو متبرع.
تنبيه: لم يبين المصنف بم يرجع، وهو إنما يرجع بالأقل من الدين المضمون وقيمة المؤدى، فلو صالح بالاذن عن عشرة دراهم على ثوب قيمته خمسة أو عن خمسة على ثوب قيمته عشرة لم يرجع إلا بخمسة. (ثم إنما يرجع الضامن والمؤدي) بالاذن من غير ضمان (إذا أشهد بالأداء رجلين أو رجلا وامرأتين) لثبوت الحق بذلك، ويعتبر في الشاهد العدالة. نعم لو أشهد مستورين فبانا فاسقين كفى على الأصح لاتيانه بحجة ولتعذر اطلاعه على الباطن فكان معذورا.
(وكذا رجل ليحلف معه على الأصح) إذ الشاهد مع اليمين حجة. والثاني: لا، لأنهما قد يترافعان إلى حنفي لا يقضي بشاهد ويمين فكان ذلك ضربا من التقصير. ورده الامام بأنه لم يشترط أحد إشهاد من يتفق العلماء على قبوله.
تنبيه: قوله: ليحلف معه يقتضي اشتراط العزم على الحلف عند الاشهاد، فلو لم يقصده كان كمن لم يشهد، وبه صرح في الحاوي. والظاهر أنه لو حلف معه رجع وإن لم يغرم عند الاشهاد. قال الأذرعي: ولو قيل إن كان حاكم البلد حين الدفع والاشهاد حنفيا فهو مقصر لم يبعد اه. والظاهر إطلاق كلام الأصحاب. ولا يكفي إشهاد من يسافر قريبا إذ لا يفضي إلى المقصود. (فإن لم يشهد) أي الضامن بالأداء وأنكر رب الدين أو سكت، (فلا رجوع) له (إن أدى