به الماوردي فإن كلاهما وثيقة. أجيب بأن الشرط في المرهون إذا كان ينفع الراهن ويضر بالمرتهن أو بالعكس لم يصح، وهذا الضرر حاصل للراهن إما بحبس المرهون حتى يحل الدين وإما بيعه في الحال قبل حلوله. (وللمستحق) أي المضمون له أو وارثه، مطالبة الضامن والأصيل) بالدين اجتماعا وانفرادا، أو يطالب أحدهما ببعضه والآخر بباقيه. أما الضامن فلحديث:
الزعيم غارم، وأما الأصيل فلان الدين باق عليه. فإن قيل: يلزم من مطالبتهما أنه إذا كان له مائة أنه يطالب بمائتين لأنه يطالب كل منهما بمائة، وذلك ممنوع. أجيب بأن الممنوع ليس في المطالبة إنما الممنوع في المرتب عليها وهو الاخذ وليس له إلا أخذ أحدهما، والتحقيق أن الدين الذي على الضامن هو الذي على الأصيل لا غيره والذمتان مشغولتان به كالرهنين بدين واحد. قال الماوردي: ولو أفلس الضامن والمضمون عنه، فقال الضامن للحاكم: بع أولا مال المضمون عنه وقال المضمون له: أريد أن أبيع مال أيكما شئت. قال الشافعي: إن كان الضمان بالاذن أجيب الضامن وإلا فالمضمون له.
وإذا رهن رهنا وأقام ضامنا خير المستحق بين بيع الرهن ومطالبة الضامن على الصحيح.
تنبيه: قد يقتضي كلام المصنف أنه لو قال رجلان لآخر ضمنا مالك على زيد وهو ألف مثلا أنه يطالب كل منهما بجميع الألف. وفي المسألة وجهان: أحدهما هذا وصححه المتولي، كما لو قالا: رهنا عبدنا هذا بالألف الذي لك على فلان فإن حصة كل منهما رهن بجميع الألف. والثاني: أنه لا يطالبه إلا بالنصف فقط، وصححه الماوردي والبندنيجي، كما لو قالا: اشترينا عبدك بألف، وصوب الأول السبكي وقال: لأن الضمان توثقه كالرهن. قال المتولي: ويخالف الشراء لأن الثمن عوض الملك، فبقدر ما يحصل للمشتري من الملك يجب عليه من الثمن بخلاف الضمان لا معاوضة فيه. وقال الأذرعي: القلب إلى الثاني أميل لأنه المتيقن وشغل ذمة كل واحد بالزائد مشكوك فيه اه. واختلف أيضا علماء عصرنا في الافتاء في ذلك، وأنا أقول كما قال الأذرعي. وتعبير المصنف بالمستحق أعم من تعبير أصله والروضة بالمضمون له فإنه يشمل الوارث كما قررت به كلامه، لكنه قد يدخل فيه المحتال مع أنه لا يطالب الضامن، لأن ذمته قد برئت بالحوالة، ولو ضمن الضامن آخر والآخر آخر وهكذا، طالب المستحق الجميع. (والأصح أنه لا يصح) الضمان (بشرط براءة الأصيل) لمنافاة الشرط لمقتضى الضمان، وكذا لو ضمن بشرط براءة ضامن قبله أو كفل بشرط براءة كافل قبله. والثاني: يصح الضمان والشرط، لما رواه جابر في قصة أبي قتادة للميت قال: فجعل النبي (ص) يقول: هما عليك وفي مالك والميت منهما برئ. فقال: نعم، فصلى عليه. قال الحاكم: صحيح الاسناد. وأجاب الأول بأن المراد بقوله: برئ إنما في المستقبل. والثالث: يصح الضمان فقط، ويبطل الشرط كما لو أعتق عبدا بشرط أن يعطيه شيئا.
(ولو أبرأ) المستحق (الأصيل) من الدين (برئ الضامن) منه لسقوطه (ولا عكس) أي لو أبرأ الضامن لم يبرأ الأصيل لأنه اسقاط وثيقة فلا يسقط بها الدين كفك الرهن، نعم يبرأ معه من بعده من الملتزمين لأنه فرعه فيبرأ ببراءته دون من قبله.
تنبيه: في معنى الابراء أداء الدين والاعتياض والحوالة به وعليه، وقول ابن الملقن: لو عبر بقوله برئ كان أشمل، لم يصح في قوله، ولا عكس فإنه لو برئ الكفيل بالأداء برئ الأصيل، فالابراء في الثانية متعين. (ولو مات أحدهما) والدين مؤجل (حل عليه) لخراب ذمته، وكذا لو استرق (دون الآخر) فلا يحل عليه لأنه يرتفق بالأجل.
فإن كان الميت الأصيل فللضامن أن يطالب المستحق بأخذ الدين من تركته أو إبرائه هو لأن التركة قد تهلك فلا يجد مرجعا إذا غرم، وإن كان الميت الضامن وأخذ المستحق الدين من تركته لم يكن لورثته الرجوع على المضمون عنه الآذن في الضمان قبل حلول الأجل.
تنبيه: محل ما ذكره المصنف إذا كان الضمان في الذمة، فإن كان عينا معينة كما لو أعاره عينا ليرهنها وقلنا بالصحيح أنه ضمان دين في رقبة ذلك الشئ فمات المعير لا يحل الدين كما قاله ابن الصلاح في فتاويه، قال: وإنما يحل الدين