المرهون، فإن لم يكن له نقد حاضر وكان بيع المرهون أروج وطلبه المرتهن باعه دون غيره، ولو باعه الراهن عند العجز عن استئذان المرتهن والحاكم صح كما هو قضية كلام الماوردي، ولو لم يجد المرتهن عند غيبة الراهن بينة أو لم يكن ثم حاكم في البلد فله بيعه بنفسه كالظافر بغير جنس حقه.
فرع: شخص رهن عينا بدين مؤجل وغاب من له الدين فأحضر الراهن المبلغ إلى الحاكم وطلب منه قبضه ليفك الرهن هل له ذلك؟ أجاب السبكي بأن له ذلك، وهو ظاهر. (ولو باعه المرتهن بإذن الراهن، فالأصح أنه إن باعه بحضرته صح) البيع، (وإلا فلا) لأنه يبيعه لغرض نفسه فيتهم في الغيبة بالاستعجال وترك التحفظ دون الحضور. والثاني: يصح مطلقا، كما لو أذن له في بيع غيره. والثالث: لا يصح مطلقا، لأن الاذن له فيه توكيل فيما يتعلق بحقه، إذ المرتهن مستحق للبيع.
ومحل هذه الأقوال إذا كان الدين حالا ولم يعين له الثمن ولم يقل استوف حقك من ثمنه، فإن كان الدين مؤجلا صح جزما، أو عين له الثمن صح على غير الثالث لانتفاء التهمة، أو قال: بعه واستوف حقك من ثمنه لم يصح على غير الثاني، لوجود التهمة. وإذن الوارث لغرماء الميت في بيع التركة، والسيد للمجني عليه في بيع الجاني كإذن الراهن للمرتهن في بيع المرهون.
(ولو شرط) بضم أوله، (أن يبيعه) أي المرهون، (العدل) عند المحل، (جاز) وصح هذا الشرط. (ولا يشترط مراجعة الراهن) في البيع (في الأصح) لأن الأصل بقاء الاذن الأول. والثاني: تشترط، لأنه قد يكون له غرض في بقاء العين وقضاء الحق من غيرها. واحترز بالراهن عن المرتهن، فيشترط مراجعته قطعا كما نقله الرافعي عن العراقيين، بأنه ربما أمهل أو أبرأ ، وقال الامام: لا خلاف أنه لا يراجع لأن غرضه توفية الحق. والمعتمد الأول لأن إذنه في البيع قبل القبض لا يصح بخلاف الراهن. وينعزل العدل بعزل الراهن وموته لا المرتهن وموته، لأنه وكيله في البيع. وإذن المرتهن شرط في صحته، لكن يبطل إذنه بعزله وبموته، فإن جدده له لم يشترط تجديد توكيل الراهن له لأنه لم ينعزل، وإن جدد الراهن إذنا له بعد عزله له اشترط إذن المرتهن لانعزال العدل بعزل الراهن. (فإذا باع) العدل وقبض الثمن، (فالثمن عنده من ضمان الراهن) لأنه ملكه والعدل أمينه، فما تلف في يده يكون من ضمان المالك ويستمر ذلك (حتى يقبضه المرتهن) فإن ادعى العدل تلف الثمن عنده ولم يبين السبب صدق بيمينه، وإن بينه ففيه التفصيل الآتي في الوديعة، وإن ادعى أنه سلمه للمرتهن فأنكر صدق بيمينه لأن الأصل عدم التسليم. وإذا رجع بعد حلفه على الراهن رجع الراهن على العدل. ولو صدقه في التسليم أو كان قد أذن له فيه أو لم يأمره بالاشهاد لتقصيره بترك الاشهاد. فإن قال له: أشهدت وغاب الشهود أو ماتوا فصدقه الراهن، أو قال له: لا تشهد أو أدى بحضرة الراهن لم يرجع لاعترافه له في الأولتين، ولإذنه له في الثانية، ولتقصيره في الرابعة.
(ولو تلف ثمنه في يد العدل ثم استحق المرهون) المبيع، (فإن شاء المشتري رجع على العدل) لوضع يده عليه، (وإن شاء) رجع (على الراهن) لالجائه المشتري شرعا إلى التسليم للعدل بحكم توكيله. (والقرار عليه) أي الراهن لما ذكر، فيرجع العدل بعد غرمه عليه.
تنبيه: ظاهر كلامه أنه لا فرق بين تلفه بتفريط وغيره، وليس مرادا، بل إذا كان بتقصيره فإنه يقتصر في الضمان عليه كما قال السبكي: أنه الأقرب. نعم إن نصبه الحاكم للبيع لموت الراهن أو غيبته أو غير ذلك لم يكن طريقا في الضمان حيث لا تقصير، لأنه نائب الحاكم، والحاكم لا يضمن فكذا هو. (ولا يبيع العدل) المرهون (إلا بثمن مثله حالا من نقد بلده) كالوكيل، فإن أخل بشئ منها لم تصح البيع، لكن لا يضر النقص عن ثمن المثل بما يتغابن