أو غيره جلدها عاد ملكا للراهن ولم يعد رهنا، لأن ماليته حدثت بالمعالجة بخلاف الخل. فإن قيل: قد يحدث بها أيضا كنقله من شمس إلى ظل وعكسه، وقد يقع الجلد في مدبغة من غير معالجة. أجيب بأن ذلك نادر فألحق بالغالب. نعم إن أعرض عنه المالك فدبغه غيره فهو له، وخرج عن الرهن كما صرح به الأذرعي. (وليس للراهن المقبض تصرف) مع غير المرتهن بغير إذنه، (يزيل الملك) كالهبة والبيع والوقف، لأنه لو صح لفاتت الوثيقة. وأما معه أو بإذنه فسيأتي أنه يصح. (لكن) إذا لم يصح تصرفه (في إعتاقه أقوال أظهرها ينفذ) بالمعجمة، (من الموسر) بقيمة المرهون . وبحث البلقيني بأن المعتبر اليسار بأقل الامرين من قيمة المرهون ومن قدر الدين، وهو كما قال الزركشي التحقيق دون المعسر لأنه عتق يبطل به حق الغير، ففرق فيه بين الموسر والمعسر كعتق الشريكين، فإن أيسر ببعضها عتق القدر الذي أيسر بقيمته. وإقدام الموسر على العتق جائز كما اقتضاه نص الشافعي كما قاله البلقيني وغيره واقتضاه كلام الرافعي وغيره في باب النذر، وإن نقل الرافعي عن الامام في بحث التنازع في جناية المرهون أنه يمتنع إقدامه عليه.
والثاني: ينفذ مطلقا ويغرم المعسر إذا أيسر القيمة وتصير رهنا. والثالث: لا ينفذ مطلقا، وإن احترز بقوله في إعتاقه عن الحكم بعتقه لا بإعتاق الراهن بل بالسراية، كما إذا رهن نصف عبد ثم أعتق باقيه فإنه يعتق إن نفذنا إعتاقه، وكذا إن لم ننفذه في الأصح. لكن يشترط اليسار على الأصح، لأن هذا حكم من الشرع بعتقه لا إعتاقه. (و) على الأول (يغرم قيمته) جبرا لحق المرتهن، وتعتبر قيمته (يوم) أي وقت (عتقه) وتصير (رهنا) أي مرهونة من غير حاجة إلى عقد، وإن حل الدين أو تصرف في قضاء دينه إن حل. (وإذا لم ننفذه) لكونه معسرا أو على القول بأنه لا ينفذ مطلقا ، (فانفك) الرهن بإبراء أو غيره، (لم تنفذ في الأصح) لأنه أعتقه وهو لا يمكن إعتاقه، فأشبه ما لو أعتق المحجور عليه بالسفه ثم زال عنه الحجر. والثاني: ينفذ لزوال المانع. وعلى الأول لو بيع في الدين ثم ملكه لم يعتق أيضا كما فهم من المتن بطريق الأولى. ولو استعار من يعتق عليه ليرهنه ثم رهنه ثم ورثه هل يعتق عليه لأنه عتق قهري من الشرع أو لا لتعلق الوثيقة به؟ والأوجه أن يقال: إن كان موسرا عتق وإلا فلا. (ولو علقه) أي عتق المرهون في حال الرهن بفكاك الرهن وانفك عتق، إذ لم يوجد حال الرهن إلا التعليق، وهو لا يضر. أو علقه (بصفة) أخرى كقدوم زيد، (فوجدت) بعد انفكاك الرهن بأن انفك مع وجودها أو قبله عتق أيضا لما مر. أو وجدت (وهو رهن فكالاعتاق) فيما مر، فيفصل فيه بين الموسر وغيره، لأن التعليق مع وجود الصفة كالتنجيز. (أو) وجدت (بعده) أي بعد فكاك الرهن أو معه، (نفذ) العتق (على الصحيح) والثاني: يقول التعليق باطل كالتنجيز في قول. ولو رهن نصف عبده مثلا ثم أعتق نصفه، فإن أعتق نصفه المرهون عتق مع باقيه إن كان موسرا أو غير المرهون أو أطلق عتق غير المرهون من الموسر وغيره، ويسري إلى المرهون على الموسر أخذا مما مر. وينفذ عتق المرهون من الموسر عن كفارته لا عن كفارة غيره بسؤاله، لأنه بيع إن وقع بعوض وإلا فهبة، وهو ممنوع منها. فإن قيل: يرد على ذلك ما لو مات الراهن فانتقلت العين إلى وارثه فأعتقها عن مورثه، وكذا إن لم يرهنه ولكن مات وعليه دين فإنه ينتقل إلى الوارث مرهونا، ومع ذلك يجوز إعتاقه عن مورثه كما هو حاصل كلام الرافعي في باب الوصية، وعلله بأن إعتاقه كإعتاقه.
أجيب بأن الوارث خليفة مورثه ففعله كفعله في ذلك، ولان الكلام في إعتاق الراهن نفسه، وفي الرهن الجعلي لا غيرهما، ومعلوم أن الاعتاق على المرتهن جائز كالبيع منه.
فرع: المبعض إذا كان له على سيده دين فرهن عنده نصفه صح، ولا يجوز أن يعتقه إلا بإذنه إذا كان معسرا، فإن كان موسرا صح بغير إذنه كالمرتهن الأجنبي فبهما. (ولا) يصح (رهنه لغيره) أي غير المرهون عنده لمزاحمته حق