الحكمين اللذين ذكرهما المصنف وقال الروياني في البحر لو باع التمر الحديث بالتمر العتيق قال بعض أصحابنا يجوز لأن النقصان يسير فيعفي كقليل التراب في المكيل قال وهذا لا يصح والتحقيق أنه ينظر فإن كان إذا جف تاما ينقص وزنه ولا يتقلص حبه ولا يظهر في الكيل فيجوز لأنه لا اعتبار بالوزن فيه وإن كان يتقلص حبه ويظهر ذلك في الكيل فلا يجوز (قلت) وهذا التفصيل متعين وهو مراد من أطلق المسألة وليس ذلك خلافا والله أعلم * ولذلك شبهوه بالتراب والتراب لو كان كثيرا بحيث يوجب التفاوت في البيع منع والله أعلم * وممن صرح بهذا التفصيل صاحب التتمة والرافعي قال صاحب التتمة إن كان بحيث إذا طرح في الشمس تنقص جثته لا يصح وإن كان لا تنقص جثته وإنما ينقص وزنه فيصح وكذلك صرح بمسألة اللحم وانه يشترط تناهى جفافه كما ذكره الشافعي والأصحاب والقاضي في كتاب الارشاد صرح أيضا بأن التمر الحديث إذا لم يبلغ النهاية في الضمورة لا يجوز بيعه بالعتيق وفى معنى التمر كل مكيل كالحنطة وغيرها وقد أطلق الرافعي في بيعها أنه يشترط تناهى جفافها وان التي لم يتم جفافها وان فركت وأخرجت من السنابل لا يجوز بيع بعضها ببعض وينبغي أن يحمل ذلك على ما إذا كان فيها من البلل ما يوجب التفاوت في الكيل إذا جففت أما إذا فرض نداوة يسيرة لا يظهر بسببها أثر في الكيل فيجوز كالتمر إذ لا فرق بينهما وبمقتضى الأصل الذي قرره الشافعي قريبا من الفرق بين المكيل والموزون في ذلك قال صاحب التهذيب يجوز بيع الحديث بالعتيق لأن العتاقة بعد حصول الجفاف ان أثرت إنما تؤثر في خفة الوزن لا في تصغير الجثة فلا يظهر ذلك في الكيل فأن كان في الحديث نداوة لو زالت لظهر ذلك في الكيل لم يجز فلا يعتقدون في المسألة خلافا كما أشعر به كلام الروياني بل المفصلون والمطلقون كلامهم منزل على شئ واحد والله أعلم * ودل كلام الشافعي المتقدم على أن النداوة المانعة من بيع اللحم بعضه ببعض لا فرق بين أن تكون قبل جفافه أو طارئة عليه بعد جفافه لعارض والامر كذلك بلا خلاف بين أصحابنا فإنه إذا كان يابسا
(٤٥٥)