وصاحب البيان (والثاني) لا يمسح وهذا هو الصحيح صححه البيهقي والرافعي وآخرون من المحققين قال البيهقي لست أحفظ في مسح الوجه هنا عن أحد من السلف شيئا وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة فأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت فيه خبر ولا أثر ولا قياس فالأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما نقله السلف عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة ثم روى باسناده حديثا من سنن أبي داود عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سلوا الله ببطون كفوفكم ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم " قال أبوا داود روى هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية هذا متنها وهو ضعيف أيضا ثم روى البيهقي عن علي الباشاني قال سألت عبد الله - يعنى ابن المبارك - عن الذي إذا دعا مسح وجهه قال لم أجد له ثبتا قال على ولم أره يفعل ذلك قال وكان عبد الله يقنت بعد الركوع في الوتر وكان يرفع يديه هذا آخر كلام البيهقي في كتاب السنن وله رسالة مشهورة كتبها إلى الشيخ أبى محمد الجويني أنكر عليه فيها أشياء من جملتها مسحه وجهه بعد القنوت وبسط الكلام في ذلك وأما حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه " رواه الترمذي وقال حديث غريب انفرد به حماد ابن عيسى وحماد هذا ضعيف وذكر الشيخ عبد الحق هذا الحديث في كتابه الأحكام وقال الترمذي وهو حديث صحيح وغلط في قوله أن الترمذي قال هو حديث صحيح وإنما قال غريب والحاصل لأصحابنا ثلاثة أوجه (الصحيح) يستحب رفع يديه دون مسح الوجه (والثاني) لا يستحبان (والثالث) يستحبان وأما غير الوجه من الصدر وغيره فاتفق أصحابنا على أنه لا يستحب بل قال ابن الصباغ وغيره هو مكروه والله أعلم (السادسة) إذا قنت الامام في الصبح هل يجهر بالقنوت فيه وجهان مشهوران عند الخراسانيين وحكاهما جماعة من العراقيين ومنهم صاحب الحاوي (أحدهما) لا يجهر كالتشهد وكسائر الدعوات (وأصحهما) يستحب الجهر وبه قطع أكثر العراقيين ويحتج له بالحديث الذي سنذكره إن شاء الله تعالى قريبا عن صحيح البخاري في قنوت النازلة وبالقياس على ما لو سأل الرحمة أو استعاذ من العذاب في أثناء القراءة فأن المأموم يوافقه في السؤال ولا يؤمن وبهذا استدل المتولي وأما المنفرد فيسر به بلا خلاف صرح به الماوردي والبغوي وغيرهما وأما المأموم فان قلنا لا يجهر الامام قنت وأسر وان قلنا يجهر الامام فإن كان يسمع الامام فوجهان مشهوران للخراسانيين (أصحهما) يؤمن على دعاء الامام ولا يقنت وبهذا قطع المصنف والأكثرون (والثاني) يتخير بين التأمين والقنوت فان قلنا يؤمن فوجهان (أحدهما) يؤمن في الجميع (وأصحهما)
(٥٠١)