حكى عن الشافعي ان للمغرب وقتا واحدا واختلف أصحابنا المصنفون في المسألة على طريقين أحدهما القطع بان لها وقتا فقط وبهذا قطع المصنف هنا والمحاملي وآخرون من العراقيين ونقله صاحب الحاوي عن الجمهور كما سبق والطريق الثاني على قولين أحدهما هذا والثاني يمتد إلى مغيب الشفق وله ان يبدأ بالصلاة في كل وقت من هذا الزمان وبهذا الطريق قطع المصنف في التنبيه وجماعات من العراقيين وجماهير الخراسانيين وهو الصحيح لان أبا ثور ثقة امام ونقل الثقة مقبول ولا يضره كون غيره لم ينقله ولا كونه لم يوجد في كتب الشافعي وهذا مما لا شك فيه فعلى هذا الطريق اختلف في أصح القولين فصحح جمهور الأصحاب القول الجديد وهو انه ليس لها الا وقت واحد وصحح جماعة القديم وهو ان لها وقتين ممن صححه من أصحابنا أبو بكر ابن خزيمة وأبو سليمان الخطابي وأبو بكر البيهقي والغزالي في احياء علوم الدين وفى درسه والبغوي في التهذيب ونقله الروياني في الحلية عن أبي ثور والمزني وابن المنذر وأبى عبد الله الزبيري قال وهو المختار وصححه أيضا العجلي والشيخ أبو عمرو بن الصلاح قلت هذا القول هو الصحيح لأحاديث صحيحة منها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " وقت المغرب ما لم يغب الشفق " وفى رواية " وقت المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق " وفى رواية " وقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق " رواه مسلم بهذه الألفاظ كلها وقوله ثور الشفق هو بالثاء المثلثة: أي ثورانه وفى رواية أبى داود فور الشفق بالفاء وهو بمعنى ثوره وعن أبي موسى الأشعري في بيان النبي صلى الله عليه وسلم للسائل مواقيت الصلاة قال " ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق " رواه مسلم وقد سبق بطوله وعن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم " صلي المغرب في اليوم الثاني قبل أن يغيب الشفق " رواه مسلم وقد سبق بطوله وعن أبي قتادة في حديثه السابق " ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الأخرى " رواه مسلم وسبق بيانه فإذا عرفت الأحاديث الصحيحة تعين القول به جزما لان الشافعي نص عليه في القديم كما نقله أبو ثور وعلق الشافعي القول به في الاملاء على ثبوت الحديث وقد ثبت الحديث بل أحاديث والاملاء من كتب الشافعي الجديدة فيكون منصوصا عليه في القديم والجديد وهذا كله مع القاعدة العامة التي أوصى بها الشافعي رحمه الله انه إذا صح الحديث
(٣٠)