ولو تنفل مضطجعا بالايماء بالرأس مع قدرته على القيام والقعود فوجهان (أحدهما) لا تصح صلاته لأنه يذهب صورتها بغير عذر وهذا أرجحهما عند امام الحرمين والثاني وهو الصحيح صحتها لحديث عمران ولو صلى النافلة قاعدا أو مضطجعا للعجز عن القيام والقعود فثوابه ثواب القيام بلا خلاف كما في صلاة الفرض قاعدا أو مضطجعا للعجز فان ثوابها ثواب القائم بلا خلاف والحديث ورد فيمن يصلى النفل قاعدا أو مضطجعا مع قدرته على القيام يستوي فيما ذكرناه جميع النوافل المطلقة والراتبة وصلاة العيد والكسوف والاستسقاء وحكي الخراسانيون وجها انه لا يجوز العيد والكسوف والاستسقاء قاعدا مع القدرة كالفرائض وبه قطع ابن كج وهذا شاذ ضعيف: وأما الجنازة فسبق في باب التيمم بيان نصوص الشافعي وطرق الأصحاب فيها والمذهب انها لا تصح قاعدا مع القدرة لان القيام ومعظم أركانها والثاني يجوز والثالث ان تعينت لم يجز والا جاز قال الرافعي إذا جوزنا الاضطجاع في النفل مع قدرته فهل يجزئ الاقتصار على الايماء بالركوع والسجود أم يشترط ان يركع ويسجد كالقاعد فيه وجهان أصحهما الثاني قال امام الحرمين عندي أن من جوز الاضطجاع لا يجوز الاقتصار في الأركان الذكرية كالتشهد والتكبير وغيرهما على ذكر القلب وهذا الذي قاله امام الحرمين لابد منه فلا يجزى ذكر القلب قطعا لأنه حينئذ لا يبقى للصلاة صورة أصلا وإنما ورد الحديث بالترخيص في القيام والقعود فيبقي ما عداهما على مقتضاه والله أعلم * * قال المصنف رحمه الله * * (ثم ينوى والنية فرض من فروض الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى " ولأنها قربة محضة فلم تصح من غير نية كالصوم ومحل النية القلب فان نوى بقلبه دون لسانه أجزأه ومن أصحابنا من قال ينوى بالقلب ويتلفظ باللسان وليس بشئ لأن النية هي القصد بالقلب) * * * (الشرح) * حديث إنما الأعمال بالنيات رواه البخاري ومسلم من رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسبق بيانه في أول نية الوضوء: وقوله قربة محضة فلم يصح من غير نية كالصوم إنما قاس عليه لأنه ورد فيه نص خاص " لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل " وهذا القياس ينتقض بإزالة النجاسة فإنها قربة محضة فكان ينبغي أن يقول طريقها الأفعال كما قاله في نية الوضوء ليحترز عن إزالة النجاسة: أما حكم المسألة فالنية فرض لا تصح الصلاة الا بها ونقل بن المنذر في كتابه الاشراف وكتاب الاجماع والشيخ أبو حامد الأسفرايني والقاضي أبو الطيب وصاحب الشامل ومحمد بن يحيى وآخرون اجماع العلماء على أن الصلاة لا تصح الا بالنية وحكي صاحب البيان رواية
(٢٧٦)