الأول: أن يتمحض في الوصية بحصة ذلك الوارث لغيره لغناه عن المال، أو لحاجة ذلك الغير، أو لحاجة الموصي للوصية المذكورة، لكونها من وجوه البر التي تنفعه بعد موته إلى غير ذلك مما لا يرجع إلى حرمان الوارث من الميراث، بل إلى التعدي على ميراثه. وحينئذ إن أجاز الوارث ذلك نفذت الوصية بتمامها وإن لم يجز نفذت في الثلث خاصة.
الثاني: أن يرجع إلى حرمان الوارث من الميراث تشكيكا في نسبه، أو عقوبة له على سئ فعله معه، أو نحو ذلك. والظاهر هنا عدم صحة الوصية وعدم نفوذها حتى في الثلث، أجاز ذلك الوارث أم لم يجز. نعم لو أوصى مع ذلك بحصة ذلك الوارث بجهة خاصة - كما إذا قال: لا تورثوا ولدي فلانا وادفعوا ميراثه للفقراء - فإن أجاز الوارث نفذت وصيته بتمامها، وإن لم يجز نفذت في الثلث خاصة.
(مسألة 29): إذا قال: لا تورثوا ولدي فلانا وادفعوا الميراث لباقي الورثة، أو: لا تورثوا ولدي وادفعوا الميراث لإخوتي، ونحو ذلك مما كان مفاد الوصية الثانية فيه مطابقا لحرمانه من الميراث، فإن قصد بالوصية الثانية تأكيد حرمانه من الميراث - كما لعله الظاهر - بطلت الوصية مطلقا، وإن قصد بها أمرا زائدا على حرمانه من الميراث، وهو الوصية بدفع الحصة المذكورة لبقية الورثة، نظير وصيته بدفعها للفقراء نفذت بإجازة الوارث أو في الثلث.
(مسألة 30): من زنى بأم ولد أبيه أو امرأة أبيه فأوصى أبوه بإخراجه من الميراث ففي بطلان الوصية إشكال، واللازم الاحتياط.
(مسألة 31): إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين، وإذا فوض التعيين إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضا بلا حاجة إلى رضا الوارث. ويكفي في التفويض ظهور حال الموصي في ذلك، كما إذا ابتنت وصيته في الثلث على عزله وبقائه مدة، مثلما لو أوصى بالاتجار بثلثه مدة من الزمن وإنفاق ربحه في وجوه البر، فإن الظاهر من إطلاقه ذلك إيكال عزل الثلث للوصي. أما في غير ذلك - كما إذا أوصى بإنفاق ثلثه - فالظاهر عدم ولاية الوصي ولا غيره على عزل الثلث وتعيينه في عين مخصوصة، بل يبقى الثلث مشاعا في