ولا يعتبر فيها حينئذ مزج أحد المالين بالآخر. والشركة العقدية بقسميها كما تقع بين اثنين تقع بين أكثر.
(مسألة 3): إذا امتزج المالان المملوك كل منهما لشخص امتزاجا رافعا للتمييز بينهما عرفا جرى عليهما حكم الشركة، سواء اتفقا جنسا ووصفا - كما لو امتزج الزيت الجيد بالزيت الجيد - أم اتفقا جنسا واختلفا وصفا - كما لو امتزج الزيت الجيد بالزيت الردئ - أم اختلفا جنسا - كما لو امتزج زيت الزيتون بزيت الذرة - بل يجري ذلك مع امتياز أحد المالين وصعوبة الفصل بينهما لصغر الأجزاء، كامتزاج الحنطة بالحنطة أو بالشعير. وأما اشتباه أحد المالين بالآخر من دون امتزاج - كما لو كان لزيد كيس من الحنطة ولعمرو كيس آخر فاشتبه أحدهما بالآخر - فلا يجري عليه حكم الشركة، بل يتعين الرجوع في رفع الاشتباه للقرعة أو الصلح.
(مسألة 4): الشركة العقدية وإن كانت عبارة عن التعاقد على الشركة في المال، إلا أنها كثيرا ما تبتني - زائدا على ذلك - على التكسب بالمال بالاتجار به، أو استنمائه أو غيرهما من وجوه الاسترباح. وذلك على نحوين..
الأول: أن يتفق الأطراف عليه ابتداء من غير أن يؤخذ في عقد الشركة، وحينئذ يعمل على ذلك - ما دامت الأطراف آذنة به - على النحو المأذون فيه، ومتى عدل بعضهم عن إذنه لزمه التوقف عن العمل، وكذا لو سقط إذن بعضهم عن الأثر بموت أو جنون أو نحوهما.
الثاني: أن يؤخذ ذلك في ضمن عقد الشركة، كما جرت عليه الشركات ذات الأنظمة الخاصة المتعارفة في عصورنا، ومنها الجمعيات التعاونية، وحينئذ يجب العمل عليه على طبق ما أخذ في العقد سعة وضيقا، كما يؤخذ بسائر ما تضمنه العقد من تعيين المباشر للتكسب بالمال، والأجر الذي يستحقه، والمدة التي تبقى فيها الشركة، وغيرها من الشروط المشروعة التي تقدم تحديدها في مبحث الشروط من كتاب البيع.
وبلحاظ هذين النحوين يتجه منا تقسيم الشركة إلى جائزة ولازمة. وأما بلحاظ أصل الاشتراك في المال مع قطع النظر عن التصرف فيه والتكسب به