دليلنا: ما دللنا عليه من أنه إذا زنى بامرأة حرمت عليه بنتها وانتشرت الحرمة، وهذه بنتها، وطريقة الاحتياط تقتضي تجنب هذه، وأيضا قوله تعالى:
حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم، وهذه بنته لغة وإن لم تكن شرعا.
مسألة 84: المحصلون من أصحابنا يقولون: لا يحل نكاح من خالف الإسلام لا اليهود ولا النصارى ولا غيرهم.
وقال قوم من أصحاب الحديث من أصحابنا: يجوز ذلك.
وأجاز جميع الفقهاء التزويج بالكتابيات، وهو المروي عن عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وجابر، وروي أن عمار أنكح نصرانية، ونكح طلحة نصرانية.
ونكح حذيفة يهودية، وروي عن ابن عمر كراهية ذلك، وإليه ذهب الشافعي.
دليلنا: قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وقوله سبحانه: ولا تمسكوا بعصم الكوافر، وذلك عام.
فإن قيل: قوله: ولا تنكحوا المشركات، ولا يتناول الكتابيات، قيل له: إن هذا غلط لغة وشرعا قال الله تعالى: وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله - إلى قوله تعالى - سبحانه عما يشركون، فسماهم مشركين.
وأما اللغة فإن لفظ المشرك مشتق من الإشراك، وقد جعلوا لله تعالى ولدا فوجب أن يكونوا مشركين، وقول اليهود: إنا لا نقول أن عزيرا ابن الله، لا نقبله مع ما نطق القرآن به، ثم إذا ثبت في النصارى ثبت في اليهود بالإجماع لأن أحدا لا يفرق.
فإن عارضوا بقوله تعالى: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، نحمله على من أسلم منهن أو نخصه بنكاح المتعة لأن ذلك جائز عندنا، وأما أخبارنا فقد ذكرناها في الكتاب الكبير، وتكلمنا على ما يخالفها ولا مباينة فيما بينها، من أرادها وقف عليها من هناك.