لقوله تعالى: " وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " وإن أجابت إلى إرضاعه وطلبت الأجرة ففيه ثلاث مسائل:
إما أن تطلب أجرة المثل ولا يجد غيرها، أو يجد غيرها بهذه الأجرة، وتطلب أكثر، أو تطلب أجرة مثلها ويجد غيرها متطوعة.
فإن طلبت أجرة مثلها وليس هناك غيرها، أو هناك غيرها بهذه الأجرة فهي أحق لقوله تعالى: " فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن ".
فإن طلبت أكثر من أجرة مثلها والزوج يجد بأجرة المثل، كان له نقله عنها، لقوله تعالى: " وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " ولقوله تعالى: " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " فأباح تعالى نقل الولد عنها إذا سلم الأجرة بالمعروف ولا موضع يجوز نقله إلى أجرة المثل إلا إذا طلبت أكثر من أجرة مثلها.
وأما إن رضيت بأجرة مثلها، وهو يجد متطوعة أو بدون هذه الأجرة قال قوم: له ذلك، ومنهم من قال: ليس له ذلك، والأول أقوى عندي.
فمن قال: ليس له نقله، سلم إليها ولها أجرة المثل، ومن قال: له نقله عنها إلى من يتطوع بذلك، على ما قلناه، نظرت: فإن صدقته في أنه يجد متطوعة نقله ولا كلام، وإن كذبته فالقول قوله لأنها تريد شغل ذمته بإيجاب الأجرة لها عليه والأصل براءة الذمة.
فصل: في أن الأبوين أحق بالولد:
إذا بانت امرأة الرجل منه بطلاق أو فسخ أو خلع أو غير ذلك وهناك ولد فتنازعاه فلم يخل الولد من ثلاثة أحوال: إما أن يكون طفلا لا يميز أو بالغا أو طفلا يميز ويعقل.
فإن كان طفلا لا يميز ولا يعقل، فالأم لأحق به من أبيه تربيه وتحضنه والنفقة على أبيه، لما روي أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء،