فصل: في أحكام النشوز:
قال الله تعالى: " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن... الآية "، فعلق تعالى هذه الأحكام بالنشوز، دل على تعلق الحكم به.
فإذا ثبت ذلك ففيه ثلاث مسائل: إذا ظهرت أمارات النشوز ودلائله وعلاماته، وإذا نشزت فأصرت عليه ولم تنزع عنه، ونفس النشوز.
فأما إذا ظهرت منها علامات النشوز ودلائله، فذلك يظهر بقول وفعل، أما القول فمثل أن كانت تلبيه إذا دعاها وتخضع له بالقول إذا كلها، فامتنعت عن تلبيته وعن القول الجميل عند مخاطبته، والفعل مثل أن كانت تقوم إليه إذا دخل إليها وتبادر إلى فراشه إذا دعاها ثم تركت ذلك فصارت لا تقوم ولا تبادر، بل تصير إليه بتكره ودمدمة ونحو هذه، فهذه دلائل النشوز.
فإذا ظهر هذا منها وعظها بما يأتي ذكره لقوله تعالى " فعظوهن ".
وأما إن نشزت فامتنعت عليه وأقامت على ذلك وتكرر منها، حل ضربها بلا خلاف.
وأما إن نشزت أول مرة حل له أن يهجرها في المضجع، وهل له ضربها بنفس النشوز أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما يحل، والآخر لا يحل، والأول أقوى لقوله تعالى: " واهجروهن في المضاجع واضربوهن "، فاقتضى ظاهره أنه متى خاف النشوز منها حلت له الموعظة والهجران والضرب، ولا خلاف أنها ليست على ظاهرها، لأن هذه الأحكام لا تتعلق بالخوف من النشوز، فإذا منع من ظاهرها الدليل حملناها على النشوز نفسه، ويكون التقدير: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن فإن فعلن النشوز فاهجروهن واضربوهن، ومن راعى التكرار والإصرار قدر ذلك فيه أيضا.
فإذا ثبت ذلك عندنا إلى فصول النشوز.
أما الموعظة فإن يخوفها بالله تعالى ويعرفها أن عليها طاعة زوجها، ويقول:
اتقي الله وراقبيه وأطيعيني ولا تمنعيني حقي عليك.