مشروفة موسرة كانت أو معسرة، دنيئة كانت أو نبيلة، وفيه خلاف.
إذا ثبت أنها لا تجبر على ذلك فإن تطوعت به كره له منعها منه، لأنها أشفق عليه وأحنا وأرفق، وتدر عليه ما لا تدر عليه غيرها ويستمرئ لبنها ما لا يستمرئ لبن غيرها، وقال بعضهم: له منعها منه لأن له منعها من كل ما يشغلها عنه وأثر في الاستمتاع بها من وطء ولمس ونظر إلا في أوقات العبادات، وهو الأقوى عندي.
فأما إن امتنعت إلا بأجرة فاستأجرها لذلك كانت الإجارة باطلة وهكذا إن استأجرها لخدمته.
وإن آجرت نفسها لرضاع أو لخدمة بغير إذنه كانت باطلة وإنما لم يصح أن تؤاجر نفسها من غيره لأنها عقدت على منافع لا يقدر على إيفائها، فإن زوجها قد ملك الاستمتاع بها في كل وقت وفي جميع الأزمان إلا ما وقع مستثنى بالعقد من أوقات الصيام والصلاة، فإذا لم تقدر على إيفاء ما عقدت عليه كان العقد باطلا.
وإنما قلنا: أنها إذا آجرت نفسها من زوجها لم يصح، هو أنه يملك منعها من إيفاء ما وجب عليها بعقد ثان ليستوفي ما وجب له عليها بعقد النكاح، وكذلك من استأجر إنسانا شهرا بعينه لم يجز من ذلك الإنسان أن يؤاجر نفسه ذلك الشهر بعينه لا له ولا لغيره، وأما إن تطوعت بإرضاعه ورضي زوجها بذلك فلا يلزمه أن يزيد في نفقتها، وقال قوم: عليه ذلك، والأول أقوى عندي لأنه لا دليل عليه.
إذا بانت زوجته منه وله منها ولد لم يكن له إجبارها على إرضاعه ولا على حضانته إذا كان له دون سبع سنين، لقوله تعالى: " فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن " فرد الرضاع إليها، وعلق الأجرة بشرط يوجب من جهتها، ما عليها لا يكون لها، وقال تعالى: " وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " فلو لا أن لها الامتناع ما وصفها بهذه الصفة.
فإذا ثبت أنها بالخيار نظرت: فإن امتنعت عليه، فعليه أن يكتري من ترضعه