وإذا ثبت أن الأب أولى منهما، فما دام هو باقيا فهو أولى، ثم أمه وأبوه في درجة، ثم جده وجدته في درجة، مثل الميراث عندنا سواء للآية وعلى مذهب القوم إذا قالوا بما قلناه وفيه خلاف، هذا إذا كان الأب موجودا.
فأما إن كان مفقودا ميتا أو هالكا فعندنا أن كل من كان أولى بميراثه فهو أولى به، فإن تساووا أقرع بينهم، فمن خرج اسمه سلم إليه وفيه خلاف.
وكل أب خرج من أهل الحضانة بفسق أو كفر أو رق فهو بمنزلة الميت سواء ويكون الجد أولى، فإن كان الأب غائبا انتقلت حضانته إلى الجد، لأن القصد حفظه وصيانته فكان أحق به من غيره، وكل من عدا الأب والجد ممن يتقرب بهما من الذكور، له حظ في الحضانة عندنا ويقومون مقام الأب والجد إذا كانوا أولى بميراثه، فإن تساووا فالقرعة وفيه خلاف بينهم.
إذا كان الأبوان مملوكين فلا حضانة لهما إذا كان الولد حرا، وإن كان أحدهما حرا فهو أحق من المملوك، وإن كان الولد مملوكا فالأولى لسيده أن يقره مع أمه، فإن أراد أن ينقله عنها إلى غيرها لتحضنه كان له ذلك عندنا، ومنهم من قال: ليس له ذلك، ومن لم تكمل فيه الحرية فهو كالعبد القن سواء.
فصل: في نفقة المماليك:
قد ذكرنا أن النفقة تستحق بأحد أسباب ثلاثة: زوجية وقرابة وملك يمين، وقد مضى الكلام في نفقة الزوجة والأقارب، والكلام هاهنا في نفقة المماليك، وإنما قلنا: يجب نفقته لإجماع الفرقة على ذلك، ولقوله عليه السلام: للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق، فأخبر أن طعامه وكسوته ونفقته على سيده لأنه لا أحد أولى به منه، وهو إجماع لا خلاف فيه.
فإذا ثبت وجوبها لم يخل العبد من أحد أمرين: إما أن يكون مكتسبا أو غير مكتسب، فإن لم يكن مكتسبا لصغر أو كبر أو زمانة أو مرض فنفقته على سيده، وإن كان مكتسبا فسيده بالخيار إن شاء جعلها في كسبه، وإن شاء أنفق عليه من