فإذا بلغ سن التخيير فكان مجنونا أو عاقلا فخبل فأمه أحق به، ويسقط التخيير لأنه في معنى الطفولة، ومتى اختار أحدهما سلم إليه، فإذا أراد الآخر بعده حول إليه، فإن أراد رده إلى الأول رد وعلى هذا أبدا، لأنه تخيير إيثار وشهوة، وليس تخيير إلزام وحتم.
إذا تزوجت المرأة سقط حقها من الحضانة وزال التخيير، وإن كان له أم أم لا زوج لها قامت مقامها، وإن كان لأمها زوج هو جد هذا الطفل قامت مقامها، وإن كان أجنبيا فالأب أحق به، وقال الحسن البصري: لا يسقط حقها بالنكاح.
ومتى طلقها زوجها عاد حقها على ما كانت، وقال بعضهم: لا يعود، والأول أصح عندي، وإذا ثبت أنه يعود فلا فرق بين أن يكون الطلاق بائنا أو رجعيا، وقال بعضهم إن كان بائنا عاد وإن كان رجعيا لم يعد، لأنها في حكم الزوجات، فهو كما لو لم يطلقها، وهو الصحيح عندي.
إذا اجتمع نساء القرابة فتنازعن المولود ففيها مسألتان: إحديهما إذا لم يكن معهن رجل، والثانية إذا كان معهن، رجل فإذا كان معهن رجل فالكلام في ترتيب الأولى والأحق.
قال قوم: الأم أولى ثم أمهاتها ثم أم الأب وأمهاتها، ثم أم الجد وأمهاتها، ثم أم أبي الجد وأمهاتها، فإن لم تكن فالأخت للأب والأم ثم الأخت للأب، ثم الأخت للأم ثم الخالة، ثم العمة، وفيه خلاف طويل وشرح على مذهب القوم.
والذي عندي أن الأم أولى من كل واحد، فإن لم تكن فكل امرأة كان أولى بميراثها فهي أولى به، فإن اجتمعا في درجة واحدة ولا مزية فهو بينهما لقوله تعالى:
" وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " وذلك عام في كل شئ، وعلى هذا الأخت للأب والأم أولى من الأخت للأب ومن الأخت من الأم لأنها تدلي بسببين، فإذا لم تكن فالأخت للأب أولى، وقال بعضهم: الأخت للأم أولى، والأول أقوى، فإن لم تكن أخت من أب فالأخت للأم أولى، والخالة والعمة عندنا في درجة، وعندهم الخالة مقدمة، وعندنا إذا اجتمع أقرع بينهما.