وثديي له سقاء وحجري له وطاء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: أنت أحق به ما لم تنكحي.
فإن كان الولد بالغا رشيدا فلا حق لأحد الوالدين فيه، والخيار إليه في المقام عند من شاء منهما، والانتقال عنهما ذكرا كان أو أنثى، غير أنه يكره للبنت أن تفارق أمها حتى تتزوج، وقال: بعضهم: ليس لها أن تفارق أمها حتى تتزوج ويدخل بها الزوج.
وأما إن كان طفلا بلغ حدا تميز بين ضره ونفعه وهو إذا بلغ سبع سنين أو ثماني سنين فما فوقها إلى البلوغ، فالذي رواه أصحابنا، أنه إذا كان ذكرا فالأب أحق به، وإن كانت أنثى فالأم أحق بها إلى أن تبلغ ما لم تتزوج، وقال قوم:
يخير بين أبويه فمن اختار سلم إليه.
وقال آخرون: الأم أحق به، حتى يبلغ إن كان ذكرا، وإن كان أنثى حتى تتزوج ويدخل بها الزوج.
وقال قوم: إن كانت جارية فأمها أحق بها ما لم تتزوج، وإن كان غلاما فأمه أحق به حتى يبلغ حدا يأكل ويشرب ويلبس بنفسه، فتكون أحق به.
ومن قال بالتخيير قال: لا تخير إلا بأربع شرائط وهو أن يكونا حرين مسلمين مأمونين مقيمين، فأما إن كان أحدهما حرا والآخر مملوكا نظرت: فإن كانت أمه حرة فهي أحق به بغير تخيير، وهكذا نقول لأنه مشغول بخدمة سيده، وإن كان أبوه حرا والأم مملوكة فإن كان الولد حرا فأبوه أحق به، لأن أمه مشغولة بخدمة سيدها، وإن كان مملوكا فسيده أحق به، وإن كان أحدهما مسلما فالمسلم أحق به عندنا وعند أكثرهم، وقال بعضهم: يخير.
وإن كان أحدهما عدلا والآخر فاسقا فالعدل أحق به بكل حال، لأن الفاسق ربما فتنه عن دينه، وإن كان أحدهما مقيما والآخر منتقلا فلا تخلو المسافة من أحد أمرين: إما أن يقصر فيها الصلاة أو لا يقصر، فإن لم يقصر فالحكم فيها كالإقامة، وإن كان يقصر فالأب أحق به بكل حال.