ينظر فيه: فإن كان معسرا أنفق نفقة المعسر، وإن كان موسرا بما فيه من الحرية كأن ملك مالا باكتساب أو غيره، فإنه ينفق بما فيه من الرق نصف نفقة المعسر، وبما فيه من الحرية نصف نفقة الموسر، وقال قوم: ينفق نفقة المعسر على كل حال ولو ملك ألف دينار، والأول أقوى.
إذا أعسر الرجل بنفقة زوجته فلم يقدر عليها بوجه كان على المرأة الصبر إلى أن يوسع الله تعالى عليه لقوله تعالى: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة " وذلك عام ولا يفسخ عليه الحاكم وإن طالبته المرأة بذلك، هذا عندنا منصوص.
وقال المخالف: هي بالخيار بين أن تصبر حتى إذا أيسر استوفت منه ما اجتمع لها وبين أن يختار الفسخ فيفسخ الحاكم بينهما، وهكذا إذا اعتبرنا بالصداق قبل الدخول، فالإعسار عيب لزوجته الفسخ، وعندنا ليس هذا كذلك على ما قلناه وفيه خلاف.
والكلام في الكسوة مثل الكلام في النفقة، وكذلك الأدم، وعندهم يفسخ به، وعندنا لا يفسخ، فأما نفقة الخادم بلا خلاف أنه لا ينفسخ به.
إذا كان يقدر على نفقتها يوما بيوم - وهذا الكسب قدر الواجب لها - فلا خيار لها، لأن القدر الواجب قادر عليه، وإن قدر على نفقة يوم ويوم لا فلها الخيار، وهذا يسقط عنا.
فأما إن كان موسرا بالنفقة، فمنعها مع القدرة، كلفه الحاكم الإنفاق عليها، فإن لم يفعل أجبره على ذلك، فإن أبي حبسه أبدا حتى ينفق عليها، ولا خيار لها، وإن غاب عنها وهو موسر غيبة معروفة أو منقطعة فلا خيار، وإن بقيت بلا نفقة فلا خلاف لأجل الإعسار وهذا غير معلوم.
وتعذر النفقة يكون لأمرين: أحدهما إعسار عدم، والثاني تعذر تأخير، مثل أن كان صانعا لعمل لا يفرع منه إلا في كل ثلاث، كصنعة التكك وغيرها، ويكون قدر نفقته في الثلاث فإنه لا خيار لها بلا خلاف، لأنه ليس عليها كبير