بقدر ما يجب عليه من النفقة فعل، فإن لم يكن بيع كله - كما قيل في الجناية ووقف ثمنه - ينفق عليها فيه، وقد انتقل بذلك سيده عنه إلى سيد آخر.
ومن قال: يتعلق بذمته، قال: قيل لها: زوجك فقير لا مال له فإن اخترت أن تقيمي معه حتى يجد وإلا فاذهبي إلى الحاكم ليفسخ النكاح، فإن العسرة يفسخ بها النكاح عندهم، وعندنا لا يفسخ، غير أن هذا يسقط عنا.
ومتى أراد السيد أن يسافر به ويستخدمه لم يكن له ذلك، لأنه يقطعه عن كسبه، ويضر به وبزوجته، وإن قال السيد: أنا أضمن ما عليه، فإن كان كسبه وفق ما عليه فعلى سيده القيام به لها، وإن كان أكثر من النفقة ضمن قدر النفقة، وكان الفاضل له، وإن كان كسبه دون النفقة لزمه تمام النفقة عندنا، وقال بعضهم: ليس يلزمه ذلك لأنه إنما عطل عليه قدر الكسب فليس عليه أكثر منه.
إذا تزوج العبد بحرة ملك ثلاث تطليقات، وإن تزوج بأمة ملك تطليقتين عندنا، وقال قوم: يملك طلقتين، فإن طلقها تطليقة بعد الدخول فلها النفقة لأنها رجعية وهي في معنى الزوجات، فإن طلقها أخرى كان مثل ذلك عندنا، فإن طلقها ثالثة فقد بانت منه، وعند المخالف تبين بالثانية على كل حال.
فإذا بانت فإن كانت حائلا فلا نفقة لها، وإن كانت حاملا فمن قال: إن النفقة لأجل الحمل لها، قال: هي لها عليه، لأن العبد ينفق على زوجته، ومن قال:
للحمل، قال: لا نفقة عليه، لأن العبد لا يجب عليه نفقة ذوي أرحامه، وقد مضى أن على مذهبنا أن النفقة للحمل، فعلى هذا لا نفقة عليه، وإن قلنا: إن عليه النفقة، لعموم الأخبار في أن الحامل لها النفقة، كان قويا.
فأما من كان نصفه حرا ونصفه عبدا فنصف كسبه له بما فيه من الحرية، ونصفه لسيده بما فيه من الرق، ونصف نفقته على نفسه، ونصفها على سيده، فإذا تزوج فعليه نفقة زوجته، فيكون ما وجب عليه منها لما فيه من الحرية في ذمته، وما وجب عليه منها بما فيه من الرق في كسبه.
فعلى هذا فإن عليه بما فيه من الرق نصف نفقة المعسر، وبما فيه من الحرية