مسألة 56: يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو غيرها بنتها أو أختها، ويجوز أن تكون وكيلة في الإيجاب والقبول، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: كل ذلك لا يجوز.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فالأصل جوازه والمنع يحتاج إلى دليل، وروي عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت أخيها عبد الرحمان بن أبي بكر بالمنذر بن الزبير وكان أخوها غائبا بالشام فلما قدم قال: أمثلي يعتاب عليه في بناته؟
مسألة 57: لا ينعقد النكاح بلفظ البيع ولا التمليك ولا الهبة ولا العارية ولا الإجارة، فلو قال: بعتكها أو ملكتكها أو وهبتكها، وكل ذلك لا يصح سواء ذكر في ذلك المهر أو لم يذكر.
وقال في التابعين عطاء وسعيد بن المسيب والزهري، وبه قال ربيعة والشافعي.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: يصح بلفظ البيع والهبة والصدقة والتمليك، وعنه في لفظ الإجارة روايتان سواء ذكر المهر أو لم يذكر.
وقال مالك: إن ذكر المهر فقال: بعتكها على مهر كذا أو ملكتها على مهر كذا، صح، وإن لم يذكر المهر لم يصح لأن ذكر المهر يخلص اللفظ للنكاح.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فإن ما اعتبرناه مجمع عليه، وما ذكروه من أن النكاح ينعقد به ليس عليه دليل، وأيضا قوله تعالى: يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك - إلى قوله - وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين، فأخبر تعالى أنه رخص رسوله بأن جعل له الموهوبة خالصة له من دون المؤمنين لأن الكناية إليها رجعت، فمن قال:
إنه في الموهوبة وغيره سواء، فقد ترك الآية.
فإن قيل: الكناية إنما رجعت إلى سقوط البدل في الموهوبة ابتداء وانتهاء، فكأنه قال: والموهوبة خالصة لك من دون المؤمنين بغير بدل ابتداء وانتهاء،