الانتفاع به بعده والثاني لا يمنع من ذلك، فالضرب الذي يمنع من الانتفاع قتل ما يقع عليه الذكاة على غير وجه الذكاة كقتله بالحجارة والخشب وتقطيعه بالسيوف قبل تذكيته بالذبح والنحر أو قتله بالماء أو إمساك النفس منه أو منعه من العلف أو الماء أو ذبحه بيد كافر لا يقع بذبحه الذكاة، وقال رحمه الله: ومن ذلك قتل ما لا يقع عليه الذكاة ولا يحل أكله مع الاختيار كالبغال والحمير الأهلية والهجن من الدواب والسباع من الطير وغيره، هذا آخر كلامه رحمه الله في مقنعته.
قال محمد بن إدريس: أما قوله: ومن ذلك قتل ما لا يقع عليه الذكاة ولا يحل أكله كالبغال والحمير الأهلية والهجن من الدواب والسباع من الطير وغيره، فغير واضح ولا صحيح أما البغال والحمير والخيل سواء كانت عرابا وهجنا فإنها على الأظهر والأصح من أقوال أصحابنا وفتاويهم ومناظراتهم مأكولة اللحم يقع عليه الذكاة، وقد قدمنا ذلك في كتاب الذبائح والأطعمة وهو مذهب شيخنا أبي جعفر في سائر كتبه واختيار السيد المرتضى في انتصاره يناظر المخالف عليه ورأي الجلة المشيخة من أصحابنا حتى أنك لو ادعيت الاجماع منهم على المسألة لما دفعك دافع ومن يخالف منهم فمعروف الاسم والنسب، فأما السباع من الطير وغيره فعندنا أن أسئارها طاهرة وهي طاهرة ويقع عليه الذكاة عندنا بغير خلاف وإنما لا يقع الذكاة على الكلب والخنزير، فأما السباع فيقع عندنا عليها الذكاة ويحل بيع جلودها بعد ذكاتها واستعمالها بعد دباغها في جميع الأشياء ما عدا الصلاة على ما قدمناه.
فإذا أتلف انسان حيوان غيره على وجه لا يحصل معه الانتفاع به كان عليه قيمته حيا يوم أتلفه، فإن أتلف ما يحصل مع تلف نفسه لصاحبه الانتفاع به على وجه من الوجوه فعليه لصاحبه ما بين قيمته حيا وبين قيمته وتلك الجناية فيه، وقال شيخنا المفيد: كان صاحبه مخيرا بين أن يأخذ قيمته حيا يوم أتلفه ويدفعه إليه أو يأخذ منه أرش إتلافه وهو ما بين قيمته حيا ومتلفا وينتفع هو به، وما قدمناه هو الأظهر الأصح، والمسلم لا يملك شيئا محرما عليه كالخمر والخنزير،