نقول: مقتضى القاعدة التقييد وإن كان المقيد واحدا إلا أن يكون المطلقات بحيث يبعد تقييدها. " ولو مات الموصى قبل بلوغ الرد لزمت الوصية " بلا خلاف ظاهرا فإن كان المدرك ما ذكر من الأخبار فقد عرفت الاشكال في صورة تمكن الموصي من الإيصاء إلى الغير بمقتضى التعليل المذكور.
وأما استبدال الوصي مع الخيانة فلا يخلو عن الإشكال لأن اللازم العمل بالوصية كما أوصى الموصي فإن كان التكليف متوجها إلى خصوص الوصي فاللازم نهيه كما في سائر التكاليف والنهي لا ينحصر بالحاكم بل التكليف بالنهي متوجه إلى جميع المكلفين وإن كان العمل واجبا لا على خصوص الوصي فاللازم العمل لا عزل الوصي وجعل شخص آخر مقامه، ويمكن استظهار بقاء وصايته من الصحيح الآتي ذكره.
وأما كون الوصي أمينا لا يضمن إلا مع التعدي أو التفريط فالظاهر عدم الخلاف فيه، فإن كان المدار في الأمانة الإذن الشرعي والمالكي فلا إشكال لاجتماعهما في الوصاية وإن كان المدار مراعاة مصلحة المؤتمن كما في الوديعة فلا بد من أن يكون قبول الوصية لمصلحة الموصي، وأما لو كان لمصلحة الوصي كما لو قبل الوصية لاستيفاء دينه أو للاستقراض إذا كان جائزا فيشكل، ألا ترى أن كثيرا من الفقهاء قائلون بضمان المقبوض بالسوم مع حصول الإذن من المالك، وأما مع التعدي والتفريط فلا إشكال في الضمان كما في سائر الأمانات. ويدل عليه الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام سئل " عن رجل أوصى إلى رجل وأمر أن يعتق عنه نسمة بستمائة درهم من ثلثه فانطلق الوصي فأعطى الستمائة درهم رجلا يحج بها عنه فقال: أرى أن يغرم الوصي من ماله ستمائة درهم ويجعل الستمائة فيما أوصى به الميت من نسمة (1) " وربما كان فيه إيماء إلى عدم انعزال الوصي مع التعدي حيث إنه لو كان الوصي منعزلا لما كان جعل الستمائة فيما أوصى به الموصي مربوطا به، بل كان هو أجنبيا ليس له القيام بأمر الوصاية