الوصي مختارا في الايصاء إلى الغير فله ترك الايصاء وقد يستدل على صحة الايصاء بقوله تعالى " فمن بدله بعد ما سمعه - الآية " ويشكل من جهة عدم صدق التبديل على ترك أمر أوصى به بل ظاهر التبديل غير ذلك فالأولى الاستدلال له بأنه مما أوصى به وإن أمكن الاشكال بأن ما دل على جواز الوصية ولزوم تنفيذها لا يدل على مشروعية كل ما يوصى به إلا ما خرج.
إلا أنه ربما يظهر من بعض الأخبار استفادة المشروعية من قوله تعالى " فمن بدله بعد ما سمعه - الآية " ومكاتبة الصفار في الصحيح إلى أبي محمد عليهما السلام " رجل كان وصي رجل فمات فأوصى إلى رجل آخر هل يلزم الوصي وصية الرجل الذي كان هذا وصيه؟
فكتب عليه السلام: يلزمه بحقه إن كان له قبله حق إن شاء الله " (1) و " الحق " في الجواب فسر بحق الايمان على معنى أنه يلزمه الوفاء بحقه إن كان مؤمنا فإن الله قد عقد الأخوة بين المؤمنين وهو مقتضى إعانة المؤمن وقضاء حوائجه فضلا عن إنفاذ وصيته، ويحتمل أن يكون المراد حق الوصية إلى الوصي الأول بمعنى أن الوصية تلزم الوصي الثاني بحق الأول إن كان للأول قبله يعني قبل الوصي الأول حق بأن يكون قد أوصى إليه وأذن له أن يوصي فقد صار له قبله حق الوصية فإذا أوصى بها لزمت الثاني، وعلى كلا الاحتمالين يصح مع الإذن إيصاء الوصي إلى وصي آخر وأما مع عدم الإذن فالأكثر على المنع لعدم ثبوت ولاية له بعد الموت على ذلك بل قيل:
إن المتبادر من استنابته مباشرته بنفسه أو بوكيله دون الايصاء إلى الغير المشتمل على الولاية بعد موته الذي يكفي في عدم جوازه عدم ثبوت الإذن من الموصي الأول خلافا للشيخ وابني الجنيد والبراج فجوز الايصاء إليه له لأن الاستنابة من جملة التصرفات التي يملكها حيا بالعموم كما يملكها بالخصوص، ولأن الموصي أقامه مقام نفسه فيثبت له من الولاية ما يثبت له، ولمكاتبة الصفار المذكورة، ويشكل بمنع كون الاستنابة من جملة التصرفات التي يملكها حيا بالعموم ومنع إقامة الموصي إياه مقامه في كل