قوله تعالى " واللاتي تخافون نشوزهن - الخ " فإن كان المراد من الخوف التوقع فاللازم كفاية التوقع في الهجر والضرب لأن الواو لمطلق الجمع، وإن كان المراد من الخوف العلم فاللازم عدم كفاية الأمارة مع عدم تحقق النشوز بل اللازم تحققه بالفعل في الوعظ والهجر والضرب والمعنى الثاني للخوف محكي عن الفراء وظاهر جملة من الإصحاب ويؤيد هذا ما قيل من أن المراد من الخوف في قوله تعالى " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " العلم وكذا في قوله تعالى: " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " بملاحظة ما ورد من النصوص فيه، وكذا في قوله تعالى " وإن خفتم شقاق بينهما " من جهة اتحاد المساق، هذا مضافا إلى أن الهجر والضرب كيف يترتبان على توقع النشوز مع أنه لم يتحقق بعد لعدم استحقاقها بعد للعقوبة، هذا مضافا إلى أن قوله تعالى " فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " في ذيل قوله " فعظوهن واهجروهن واضربوهن " يستفاد منه أنه مع الإطاعة لا سبيل على المرأة ومع عدم تحقق النشوز تكون مطيعة لعدم الواسطة بينهما ولا اشكال في أن الهجر وكذا الضرب سبيل عليها لو لم يكن الوعظ سبيلا.
ثم إن الأمور الثلاثة أعني الوعظ والهجر والضرب لا إشكال فيها بحسب المفهوم فحيث إن الهجر والضرب بل الوعظ أيضا توجب تأذى المرأة لا بد من الاقتصار بأقل مراتبها، أما الهجر فقد حكي عن غير واحد من الأصحاب توليتها ظهره في الفراش كما عن الفقه المنسوب إلى الرضا عليه السلام بل عن المبسوط نسبته إلى رواية أصحابنا وعن مجمع البيان إلى الباقر عليه السلام وعن المبسوط والسرائر هو أن يعتزل فراشها وعن المفيد التخيير ولعله أقوى لاندراجهما في الهجر عرفا، وفي الضرب يقتصر على أدنى مراتبه مع حصول الغرض به، والظاهر لزوم أن يراعي الزوج الإصلاح لا التشفي والانتقام كما قيل في تأديب المؤدب حيث إنه يقتصر في الايذاء المحرم على النحو المرخص فيه فتأمل.
ولو كان النشوز من طرف الزوج بمنع حقوقه الواجبة عليه فلا إشكال في أن لها المطالبة بها والمعروف أن الزوجة ليس لها منع ما عليها من الحقوق.
ويمكن أن يقال: إن كان المدرك إطلاق الأدلة فربما يستشكل بعدم كونها في مقام