يزول عنه الخوف ويطمئن بعدم الوقوع في المحرم ويخرج عن موضوع هذا الحكم الاضطراري ولا منافاة بين الحكم برجحان إتيان فعل على مكلف خاص مع الحكم برجحان إزالة ذلك المكلف تلك الخصوصية عن نفسه ليخرج عن موضوع ذلك الحكم.
ويمكن أن يقال: حمل قوله تعالى " وأن تصبروا - الخ " على ما ذكر خلاف الظاهر لا يصار إليه حيث إن تحصيل التقوى وشدة الورع بتلك المرتبة يحتاج إلى مدة يروض فيها نفسه بذلك ولعل المتعين الحمل على المعنى الأول كما أنه يظهر من صحيح زرارة المذكور عدم الجواز بدون الاضطرار، ولا مجال للخدشة في دلالته و إن أمكن الخدشة في دلالة صحيح ابن مسلم وخبر أبي بصير بأن البأس المذكور فيهما يجتمع مع الكراهة فلا ظهور في الحرمة، ولا يخفى أن مقتضى صحيح زرارة كفاية الاضطرار ولو مع الاستطاعة فلا يبعد عدم كون الاستطاعة شرطا شرعيا لجواز النكاح بل إرشادا إلى ما هو أسهل لمريد النكاح.
ثم إنه قد يقال مع عدم تمامية أدلة المجوزين والمانعين نرجع إلى الأصول العملية ومقتضاها هو الحرمة والفساد لأن الشك إن كان في مجرد التكليف وأن تزوج الأمة حرام تكليفا أولا فمقتضى الأصل حيث إن الباب باب الفروج هو الاحتياط وإن كان الشك في الوضع وإن العقد عليها فاسد أولا فمقتضى الأصل حيث إن الباب باب الأسباب والمسببات هو الفساد إلا أنه يمكن التمسك للمجوزين بالنصوص الناهية عن تزويج الأمة على الحرة بتقريب أن يقال: لا شك في ظهور تلك النصوص في أن النهي عن تزوج الأمة على الحرة إنما هو لكونه على الحرة وإن لهذا العنوان موضوعية لا لكون هذا العنوان ملازما غالبا لفقد شرط صحة العقد على الأمة وهو خوف العنت المنتفي غالبا فلو كان للشرطين مدخلية لكان الأولى التعليل بفقدان الشرط لا بوجود المانع، ولكن الحق مع ذلك عدم جواز التزوج إلا مع وجود الشرطين لأخبار خاصة صريحة في ذلك موجبة لحمل أخبار النهي عن تزويج الأمة على الحرة على الحكم الحيثي وأنها في مقام بيان اعتبار إذن الحرة أيضا في جواز النكاح عليها مضافا إلى اعتبار الشرطين لا أن المراد كفاية الإذن ولو مع فقد الشرطين مثل ما رواه