وأما أجزاء غيره من الأغسال فالمشهور عدم الاجزاء، واستدل بالآية الشريفة: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم - الآية -) فإنها شاملة لمن اغتسل وغيره، خرج منه الجنب بالنص والاجماع، وما رواه في الكافي (1) في الصحيح عن ابن أبي عمير عن رجل عن الصادق عليه السلام قال: (كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة) وغيره بهذا المضمون أو ما يقرب منه، والاستدلال بمثل هذا الصحيح لما ذهب إليه المشهور مشكل من جهة ظهوره في اعتبار الوضوء قبل كل غسل إلا غسل الجنابة، ولا يلتزم المشهور بوجوب الوضوء قبل الغسل، بل مرادهم عدم الاكتفاء بالغسل، فمن المحتمل استحباب الوضوء قبل الغسل غير غسل الجنابة، ولا ينافي هذا إجزاء الغسل عن الوضوء والاستدلال بالآية أيضا مشكل، فإن القيام من النوم موجب لوجوب الوضوء ولا ينافي كفاية الغسل عنه فتأمل، واستدل للقول الآخر بأخبار كثيرة، منها صحيح حكم بن حكيم المتقدم آنفا، ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: (الغسل يجري عن الوضوء وأي وضوء أطهر من الغسل) (2) وأجيب بأن المشهور قد أعرضوا عن العمل بها، وفيه نظر من جهة ملاحظة كلماتهم، حيث أجاب الشيخ (قده) عنها بالحمل على صورة اجتماع غير غسل الجنابة مع غسل الجنابة وأجاب المحقق (قده) في المعتبر (3) بأن خبرنا يتضمن التفصيل والعمل بالمفصل أولى وأجاب العلامة (قده) (4) عما رواه الشيخ في الصحيح بالحمل على غسل الجنابة، وعن غيره تارة بضعف السند و أخرى بوجه آخر في بيان المعنى لا يخلو عن الاشكال، وأجاب الشهيد (قده) بأن الروايات معارضة بمثلها والترجيح بالشهرة بين الأصحاب، فإن ثبت الاعراض فهو وإلا فما ذهب إليه السيد (قده) وتبعه جماعة من متأخري المتأخرين قوي جدا
(٧٧)