في الموثقة: (فقد انتقض غسله) نفهم أن إعادة الغسل ليس من باب الاحتياط نظير الاعتناء بالشك في أثناء الوضوء بل هو من جهة حدوث جنابة جديدة يترتب عليها أحكامها، ومقتضى قوله عليه السلام على المحكي أخيرا: (لأن البول لم يدع شيئا) أن احتمال بقاء الشئ في المجرى مراعى ويرفع هذا الاحتمال البول، ولازم ذلك أنه إن لم يخرج بلل مشتبهة ولكن بال بعد الغسل اختيارا يجب الغسل، لأن ما يخرج أولا من الإحليل يحتمل أن يكون منيا أو مصاحبا مع البول، فما قيل: من أنه في هذه الصورة لا يجب إعادة الغسل - ولعله من جهة انصراف الأخبار محل نظر، لأنه وإن سلم الانصراف عنه لكن التعليل المذكورة لعله كاف لاثبات وجوب الغسل، وكيف كان فما في قبال ما ذكر من الأخبار الدالة على عدم وجوب الغسل لا مجال للعمل بها بعد اعراض المشهور، هذا كله مع عدم البول والاجتهاد وإن اجتهد ولم يبل فهل يحكم على الخارج بكونه منيا أم لا؟ لا يبعد أن يقال:
أما مع القطع بعدم بقاء شئ في المجرى فلا إشكال، وأما مع الشك فمقتضى الأخبار حيث جعل المدار على البول إعادة الغسل.
(ولو أحدث بالأصغر في أثناء غسله ففيه أقوال أصحها الاتمام والوضوء) استدل لقول بوجوب إعادة الغسل بعدم ثبوت كون الغسل المتخلل بالحدث رافعا للجنابة، فيستصحب أثرها إلى أن يتحقق المزيل وهو الغسل الواقع عقيب الحدث، ومقتضى استصحاب الجنابة الاجتزاء بغسلها عن الوضوء كما لو شك في أصل الغسل، وبما رواه في المدارك من كتاب عرض المجالس للصدوق عن الصادق عليه السلام قال:
(لا بأس بتبعيض الغسل، تغسل يدك وفرجك ورأس: وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك، فإن أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح أو مني بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله) (1) وعن الفقه الرضوي عليه السلام ما يقرب منه، (2) أما الرواية فضعيف السند،