جارية معصرا لم تطمث فلما افتضها سال الدم فمكث سائلا لا ينقطع نحوا من عشرة أيام وإن القوابل اختلفن في ذلك فقال بعضهن: دم الحيض، وقال بعضهن دم العذرة، فما ينبغي لها أن تصنع؟ قال عليه السلام: (فلتتق الله فإن كان من دم الحيض فلتمسك عن الصلاة حتى ترى الطهر وليمسك عنها بعلها، وإن كان من العذرة فلتتق الله ولتتوضأ ولتصل ويأتيها بعلها إن أحب ذلك، فقلت له: فكيف لهم أن يعلموا ما هو حتى يفعلوا ما ينبغي؟ قال: فالتفت يمينا وشمالا في الفسطاط مخافة أن يسمع كلامه أحد قال: فنهد إلى (1) فقال: يا خلف سر الله فلا تذيعوه ولا تعلموا هذا الخلق أصول دين الله بل ارضوا لهم ما رضى الله لهم من ضلال قال: ثم عقد بيده اليسرى تسعين ثم قال: (تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها اخراجا رقيقا، فإن كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة، وإن كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض - الحديث -) (2) وتطابقها في الحكم صحيحة أخرى، ثم إنه قد يقال باختصاص الصحيحتين بما إذا كان الدم مرددا بين دم الحيض والعذرة بدون احتمال كونه من القرحة في الجوف أو الاستحاضة، فيكون عدم التطوق دليلا على عدم كونه من العذرة فيتعين كونه حيضا، وفيه نظر لأن الصحيحة الأولى لم يتعرض فيها إلا لاختلاف القوابل ومجرد ذلك لا ينفي الاحتمال والصحيحة الثانية لم يتعرض لذلك أصلا، فما وجه التخصيص؟ ولا يبعد أن يقال:
مقتضى الصحيحتين أن التطوق علامة شرعية لكون الدم دم العذرة، وعدمه أمارة العدم، وبعد انتفائه لم يكن الحكم بكونه دم الحيض من جهة الانغماس حتى يستشكل بأنه يجمع هذا مع كون الدم دم الاستحاضة والقرحة، بل كان الحكم بمقتضى أصالة السلامة، حيث إن دم الحيض طبيعي بخلاف دم الاستحاضة والقرحة، ويمكن أن يستفاد حكم المبتدئة منها، ولا نلتزم باختصاص الصحيحتين بمورد العلم بانتفائهما، ثم إنه يستفاد من الصحيحة وجوب الاختبار عليها، والظاهر عدم