الجنابة بنفس الشعر حتى يجب إنقاؤه وحكم بوجوب إنقاء البشرة دون الشعر، والظاهر أن الانقاء هنا هو الانقاء في صحيحة زرارة، والحاصل أنه ليس في مقابل الأخبار الظاهرة في لزوم غسل الجسد دون غيره ما يكون ظاهرا في الوجوب النفسي لغسل الشعر، ثم إنه يكون الواجب غسل ما ظهر من البشرة دون الباطن، ويدل عليه ما دل من الأخبار على عدم وجوب المضمضة والاستنشاق معللا بأن الغسل على ما ظهر لا على ما بطن، ولو شك في شئ أنه من الظاهر أو الباطن فقد يقال: بلزوم الاحتياط في المقام لكون الشك في المحصل ولا يبعد أن يقال: إن المحصل بعد ما كان بحكم الشرع محصلا، فبعد ما حكم بحديث الرفع بعدم دخل المشكوك في المحصل يرتفع الشك، لأن الشك في حصول الطهارة مسبب عن الشك في دخل شئ في المحصل، مضافا إلى أنه يظهر من بعض أخبار الباب حصول النقاء في كل جزء من البشرة، بعد الغسل، فالطهارة وإن كانت بسيطة مبين المفهوم لكنها تنقسم بحسب البشرة فمن الأول يشك في جنابة الجزء المشكوك كونه من الظاهر أو الباطن، فيشك في اعتبار طهارته فيدخل في مسألة الأقل والأكثر فتأمل جيدا.
(والخامس الترتيب وهو أن يبدء برأسه ثم ميامنه ثم مياسره) أما لزوم الابتداء بالرأس فيدل عليه صحيحة حريز الواردة في الوضوء قال: قلت: (فإن جف الأول قبل أن أغسل الذي يليه؟ قال: جف أو لم يجف اغسل ما بقي، قلت:
وكذلك غسل الجنابة؟ قال: هو بتلك المنزلة وابدء بالرأس ثم أفض على سائر جسدك، قلت: وإن كان بعض يوم؟ قال: نعم) (1) وهذه الصحيحة ربما يظهر منه جواز التبعيض في الوضوء بحيث ينافي الموالاة المعتبرة فيه بحسب الأخبار إلا أن يقال عدم العمل بها من هذه الجهة لا ينافي الأخذ بظاهرها من حيث لزوم البدئة بالرأس وأما الترتيب بين الجانبين، فيمكن أن يستدل عليه بالأخبار المستفيضة الواردة في كيفية غسل الميت الظاهرة في وجوب الترتيب بين الجانبين بضميمة الأخبار المصرحة بأن غسل الميت بعينه هو غسل الجنابة، وفي بعضها أنه مثله،