عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام والصدوق في الفقيه مرسلا عن أبي عبد الله عليه السلام (إن الله جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا) (1) ومنها ما عن بشر بن جعفر الجعفي قال: سمعت جعفر ابن محمد عليهما السلام يقول: (البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة للناس جميعا) (2) والخدشة في الاستدلال بها من جهة ضعف أسانيدها في غير محله من جبرها بالشهرة وعمل الأصحاب بها قديما وحديثا وقد يستشكل من جهة أن القائلين بهذا المضمون لا يلتزمون بظواهر هذه الأخبار حيث ادعي الاجماع حتى من أصحاب هذا القول على وجوب استقبال العين مع التمكن من مشاهدتها بل عن بعضهم التصريح بكون الكعبة قبلة لمن تمكن من العلم بها فحيث إن هذه الأخبار بظاهرها غير معمول بها يشكل الاعتماد على مأولها وجعلها قرينة لارتكاب التأويل في الأخبار الدالة على القول الأول وفيه نظر لأنه بعد تمامية هذه الأخبار من حيث الظهور وكونها معمولا بها لا وجه لطرحها مجرد عدم أخذ العاملين بها بما هو ظاهرها وإن تم الاجماع المدعى فهو مخصص ففي صورة التمكن من العلم لا يجتري على المخالفة لما ادعى من الاجماع، ومع عدم التمكن لا تظهر ثمرة من جهة الاكتفاء على القول الأول، ثم إنه مع مشاهدة الكعبة أو العلم بجهتها الخاصة يجب الاستقبال حقيقة بنظر العرف ولا يجوز الانحراف وهذا الاستقبال ليس بالدقة استقبالا وقد أوضح بما يشاهد من استقبال الأجرام البعيدة فإنها مع القرب منها يتحقق استقبالها بنحو ومع البعد عنها يتحقق استقبالها بنحو آخر أوسع بمراتب منه مع القرب ويصدق الاستقبال العرفي حقيقة من دون تجوز وإن كان بالدقة ليس استقبالا كما هو واضح، هذا هو المشهور، وفيه نظر من جهة أنه مع زيادة البعد ليس الجرم مرئيا حتى يتحقق الاستقبال فلا يتحقق مع زيادة البعد الاستقبال الدقى ولا الاستقبال الحقيقي العرفي لعدم كون الجرم مرئيا حتى يتخيل الاستقبال العرفي الذي هو الموضوع للحكم، نعم يصدق أنه لو كان مشاهدا لكان
(٢٦١)