الاحتجاج المذكور آنفا والظاهر صدق هذا المعنى مع الانحراف يسيرا عن الجهة المعينة إذا فرض القطع بها ألا ترى أنه إذا توجه الرئيس في مجلس عام إلى سمت جلس فيه بعض يصدق أنه توجه إليه مع عدم الاستقبال حقيقة فما يقال من أنه مع العلم بالجهة المعينة لا يجوز التخطي عنها ومع عدم العلم يجوز إلى سمت يعلم بعدم الخروج عنه وهذا من باب مراتب الانصراف كما لو قيل للقادر على ضرب باطن الكفين على الأرض في باب التيمم: اضرب يديك على الأرض فإنه ينصرف إلى ضرب الباطن وإذا قيل للعاجز ينصرف إلى ضرب الظاهر ومع وحدة الدليل يتوجه إلى كل تكليفه الخاص من دون لزوم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، وما نحن فيه من هذا القبيل فالعالم بالجهة المعينة يتعين عليه التوجه إليها والعاجز يتوجه إلى السمت محل تأمل لما يلاحظ في المثال المذكور من صدق التوجه مع تعين الجهة وعلى هذا فلا يرد نقض الشيخ - قدس سره - بلزوم بطلان الصلاة مع استطالة الصف، ويؤيد ما ذكرنا عدم إلزام المكلفين بتحصيل العلم بالجهة مع أنه لعل رفع العجز في أمثال هذه الموارد يكون لازما بالرجوع إلى أهل الخبرة.
(ولو صلى في وسطها استقبل أي جدرانها ولو صلى على سطحها أبرز من بين يديه شيئا منها ولو قليلا وقيل يستلقي ويصلي موميا إلى البيت المعمور) أما الصلاة في وسطها فقيل بالمنع اختيارا واستدل عليه بما روي في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا تصل المكتوبة في جوف الكعبة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يدخلها في حج ولا عمرة ولكنه دخلها في الفتح - فتح مكة - وصلى فيها ركعتين بين ميرى العمودين ومعه أسامة بن زيد) (1) وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: (تصل المكتوبة في الكعبة) (2) وفي قبالهما موثقة يونس بن يعقوب قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا حضرت الصلاة المكتوبة وأنا في الكعبة أفأصلي فيها؟ قال: صل) (3) فتحمل الصحيحتان على الكراهة وبعد ملاحظة هذه الموثقة ترتفع شبهة عدم صدق الاستقبال المعتبر في الصلاة.