قاطبة - الإمساك عن التأويل مطلقا، مع نفي التشبيه والتجسيم - فالأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، ومحمد بن الحسن وسعيد بن معاذ المروزي، وعبد الله بن المبارك، وسفيان الثوري والإمام البخاري وأبو داود السجستاني وغيرهم كلهم كانوا على هذا المسلك " (79).
والحقيقة التي ينكشف عنها هذا الخلط والجمع لعدد من أسماء الفقهاء والمحدثين، أن الدكتور يتجنى على التاريخ ويحرفه ليموه على القارئ. والذي يكشف تناقضه هو عدم اعتباره المتكلمين من السلف في الوقت الذي نجد أن مدرسة أبي منصور الماتريدي في علم الكلام - كما ذكرنا سابقا - قد انبثقت عن أقوال الإمام أبي حنيفة وصدرت عن أقواله. كما يقول محققوا هذه المدرسة. وسيتبعهم غيرهم في الإقرار بذلك، فالبغدادي في كتابه " الفرق بين الفرق " وهو يضع الخطوط العريضة " لمذهب أهل السنة والجماعة " يجعل " أول متكلمي أهل السنة وأرباب المذاهب ": أبو حنيفة والشافعي. فأبو حنيفة له كتاب في الرد على القدرية سماه " الفقه الأكبر " وله رسالة أملاها في نصرة قول أهل السنة أن الاستطاعة مع الفعل... وللشافعي كتابان في الكلام.. " (80) وقد اشتهر عدد من الصحابة والتابعين بردودهم على تساؤلات بعض الأفراد أو الفرق. مما يعتبر من صلب القضايا الكلامية كالقدر والجبر والصفات الإلهية. منهم الإمام علي ابن أبي طالب وابن عباس والحسن البصري وجعفر بن محمد الصادق وغيرهم كثير.
وأبو حنيفة والشافعي ومالك، إذا كانوا حقا من السلف ومطلوب الاقتداء بهم لماذا يرفض السلفيون الوهابيون اليوم إنتاجهم الفقهي والأصولي جملة وتفصيلا، بل يعتبرون مذاهبهم الفقهية مقابلا لما جاء به الرسول (ص). وبذلك لا ينفون على أصحابها صفة " السلف " ولكن يعتبرونهم دخلاء على الإسلام.