الاحتياط، ولا يعرف ذلك إلا القليل، فعمل العامي غير العارف بمواضع الاحتياط من غير تقليد باطل (98).
ويقول الشيخ السبحاني: " للاجتهاد مؤهلات وشرائط محررة في محلها، أعظمها وجود ملكة قدسية يقتدر معها الإنسان على استخراج الفروع عن الأصول، وأما الإفتاء بالحكم على ضوء النص الصريح الوارد فيه فليس إلا مرتبة ضعيفة من الاجتهاد. والاجتهاد المطلق يستدعي ذهنا وقادا مشققا للفروع ومستخرجا إياها من الأصول إلى غير ذلك مما يقوم به أئمة الفقه " (99).
وبما أن باب الاجتهاد لم يقفل عند الإمامية، فإن عامة الشيعة ومتعلميهم وطلبة العلوم الشرعية يقلدون الفقهاء المجتهدين. فكل فقيه وصل درجة الاجتهاد بعد تحصيل شروطه، يحق له أن يكتب فتاويه ويصدرها على شكل مسائل مرتبة ومبوبة تشمل جميع القضايا الدينية والحياتية، من الوضوء والطهارات، إلى أدق المسائل والمشكلات التي تواجه المسلم الشيعي في حياته اليومية.
لذلك من النادر جدا أن يخلو البيت الشيعي من هذه الكتب الخاصة بالمسائل والفتاوي. وعليه فالخلافات والاختلافات في الفروع الفقهية تكاد تنعدم في المجتمع الشيعي الإمامي، لأن غالبية الناس تقلد الفقهاء المجتهدين، وهم بكثرة في الحوزات (المدارس) العلمية. ولن تجد قارئا أو مفكرا أو عالما مهما بلغ علمه وثقافته يفتي الناس في الأمور الفقهية إن لم يكن فقيها مجتهدا مشهودا له بالفقاهة والعلم. فتجد الرجل منهم متبحرا في علوم العربية وله ثقافة إسلامية واسعة، لكنه يقلد أحد المراجع - الفقهاء المجتهدون