يستلم الوهابيون زمام توجيهها كانت قد انطلقت من الفكر الإخواني المصري في الغالب الأعم، وهذا الفكر كان يدعو أبناءه إلى الالتحاق بالمدارس والكليات العلمية، والاجتهاد في التحصيل العلمي الطبيعي لكي يعرف عامة المسلمين والغرب أن الإسلام دين العلم والتقدم. وليس كما يشاع عنه أنه دين الخرافات والتخلف. لذلك فقد شهدت فترة السبعينات سيطرة الإسلاميين الفعلية على المقاعد الأولى في الكليات العلمية وبرز منهم متفوقون ونابغون في الطب وعلوم الفيزياء والرياضيات. وكان هؤلاء إلى جنب ذلك إسلاميون يشاركون في النشاط الدعوى والإسلامي العام.
لكن الانتكاسة التي عرفها هذا الفكر المتنور والضربة المؤلمة التي وجهها له غزو الفكر السلفي للساحة الإسلامية، قد حولت اتجاه أبناء الصحوة، فبدل الالتحاق بالمعاهد والكليات العلمية، ثم التوجه والانكباب على كليات الدراسات الإسلامية خاصة. بل أصبح متعارفا لدى أبناء السلفية الابتعاد عن دراسة العلوم العصرية واللغات الأجنبية لأن ذلك لا يقرب إلى الله (94).
ونحن عندما نشير إلى هذه الحقائق بالذات، فإنما للإشارة إلى أن الكثير من أبناء الصحوة الإسلامية الذين تأثروا بالفكر السلفي وكانوا يتابعون دراساتهم في المدارس أو الجامعات وينتسبون للمعاهد والكليات العلمية. فحضهم من علوم العربية بسيط، ومعرفتهم بالشريعة وتاريخ الإسلام هزيلة. لكنهم وبفضل الفكر السلفي أصبحوا مجتهدين، يتصفح الواحد منهم كتب الحديث ويأخذ منها ما يشاء من أفكار وأحكام، ثم يبدأ في الدعوة والتبليغ وممارسة ما قرأه وما اعتقده. وهذه الفئة صعبة المراس في النقاش، وغير مستعدة للتنازل عما تؤمن به. أما إذا ذكرت لهم سند الحديث وفقه متنه، أو أن اختيار العلماء