أما عن الأهداف الاستراتيجية التي سيصل إليها دعاة اللامذهبية فهي بالنتيجة القضاء النهائي على المذاهب الفقهية والأصولية لأهل السنة، فالمذهب الحنبلي السلفي في طريقه لابتلاع هذه المذاهب. وهذه الفوضى الفقهية والفتوائية إنما تعبر عن مرحلة انتقالية، مرحلة الهدم من أجل البناء. هذا البناء الجديد الذي يراد له أن ينطلق من مملكة السلفيين، ويتحكم في جميع أطراف الرقعة الجغرافية والدينية لأهل السنة والجماعة.
أما الشيعة الإمامية فإن السلفيين لم ولن يستطيعوا أن يخترقوا سدهم المنيع، مهما طبعوا من كتب وروجوا من أكاذيب حول كفرهم ويهوديتهم وعدائهم للإسلام والمسلمين.
إنما الخوف على مذاهب أهل السنة التي بدأت فعلا تلفظ أنفاسها الأخيرة.
لكن السلفيين لن يتركوا الساحة السنية تنعم بهذه الفوضى الفقهية طويلا، لأن الغرض من هدم المذاهب القديمة لتحل محلها المذاهب الجديدة،، مذاهب تصنع في نجد والرياض، وتوزع على باقي أنحاء العالم الإسلامي. ومن يخالف أو يجادل أو يرفض ويعترض فإن ألف وسيلة ووسيلة قد وجدت وتوجد لإسكاته وإزاحته من الطريق، ومن بينها بلا شك جنود معاوية الغارقة في العسل.
وأخيرا نقول لضحايا المكر السلفي: " إن البسطاء الذين تركوا تقليد الأئمة المجتهدين لم يخرجوا من ربقة التقليد، وإنما هم قلدوا أناسا منحرفين، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير وجعلوا تحذير الرسول عليه الصلاة والسلام عن أخد الدين والعلم من أمثال هؤلاء المنحرفين، وراءهم ظهريا.
روى مسلم عن ابن سيرين مقطوعا " إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " [صحيح مسلم، 1 / 14]. وروى الإمام أحمد عن شداد بن أوس: أن النبي (ص) قال: " إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين، فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة " (102).