- ويحتفظ لنفسه بنسخة من فتاويه ليتعبد بها.
هناك بالطبع اختلافات بين المقلدين الذين تتقاسمهم مرجعيات متعددة، لكن المجتمع الإمامي يعيش انسجاما على مستوى التعبد والالتزام بالواجبات الإسلامية. كما كان عليه أهل السنة سابقا، هذا الفريق يقلد الإمام مالك، وهذا الفريق يقلد الشافعي، وآخر يقلد مجتهدا ثالثا.
هناك مذاهب اجتهادية محددة وواضحة المعالم، يقف وراءها فقهاء ومجتهدون حرفتهم الفقه، وشغلهم الاجتهاد والاستنباط، ودراسة العلوم الإسلامية للتبحر فيها واستيعاب قضاياها.
فالإمامي إما أن يكون مقلدا مهما كانت درجة أعلميته وثقافته. وإما مجتهدا يستطيع استنباط الأحكام لنفسه أو لغيره من المقلدين. أما ما هو موجود الآن في مساجد ومنتديات غير الشيعة، من الاختلافات الكثيرة حول الوضوء والصلاة واللباس والأكل وغير ذلك. فلا وجود له بتاتا لدى الإمامية.
إن الدعوة إلى نبذ التقليد، ومطالبة الناس بأخذ الأحكام الدينية مباشرة من الكتاب والسنة، دعوة فيها الكثير من المغالطات، لكن يراد بها أن تحقق بعض الأهداف، وهي فعلا سائرة نحو تحقيق ذلك.
وهي بدعة منكرة لم يعرفها السلف الصالح الذين وضعوا أسس الاجتهاد والتقليد. ولم يسمع من أحدهم أنه طلب من كافة الناس أن يقرأوا الأحاديث والتفاسير، وأن يعملوا بما يصلون إليه. ولكن علم أن الجاهل منهم كان يرجع للعالم، كانت الناس ترجع للصحابة بعد رسول الله (ص) يسألونهم الحكم ورأي الإسلام في كل قضية، وكذا من التابعين، وليس التقليد سوى ذلك، رجوع الجاهل للعالم، ولما ظهر الأئمة والفقهاء المختصون قعدوا القواعد، و أصبح الاجتهاد علما دقيقا ومتفرعا، غير متيسر لأي كان أن يبلغ درجته.
وهذه معلومات تاريخية تملأ بطون الكتب ولا يمكن التنكر لها.
ويكفي أن نذكر السلفية بما قاله زعيمهم وإمام مذهبهم أحمد بن حنبل