وهنا آية يمكنها أن تكون فيصل التفرقة بين ما كان عليه المشركون زمن الرسول وبين أي فعل أو عمل أو اعتقاد قد يصدر عن المسلمين اليوم ويصفه الوهابية بالشرك أو يجعلونهم ومشركي قريش سواء، كما نطق بذلك محمد بن عبد الوهاب النجدي.
كما توضح هذه الآية بجلاء حقيقة اعتقاد المشركين وما كانوا عليه من انحراف إيماني. يقول تعالى يصف المشركين بعد ما أدركوا حقيقة معبوداتهم وأصنامهم: * (تالله إن كنا لفي ضلال مبين، إذ نسويكم برب العالمين) * (الشعراء، الآية 97 - 98).
وهذا التسوية لا تختص بتوجيه العبادة أو المشاركة فيها. ولكن باعتقادهم بأن لآلهتهم خصائص الألوهية إما كلها أو بعضا منها. كما ذكرنا قبل قليل.
وإلى هنا يكون مفهوم العبادة الذي يترتب عليه الشرك والإشراك قد اتضح للقارئ. فهل هناك من المسلمين اليوم من يعتقد في الأنبياء أو الأولياء والمشايخ. أنهم مساوون لله؟ أو أنهم آلهة وأرباب من دون الله؟! يملكون الضر والنفع والشفاعة، ويستقلون بالفعل والتأثير؟! أو يدبرون هذا الكون إما بشكل كامل أو مشاركة مع الله؟!.
إن الملاك في تمييز التوحيد عن الشرك أمر واحد وهو الاعتقاد بالألوهية والربوبية، أو كون الفاعل مستقلا ومفوضا إليه الأمر (52). وإذن ما هي شبهات هؤلاء الوهابية، التي جعلتهم يتهمون المسلمين بالشرك. ويضعونهم مع مشركي العصر الجاهلي في خانة واحدة.
تعتبر القضايا مثل: الشفاعة والتوسل وزيارة القبور والدعاء عندها - وما يتفرع عن ذلك - من أهم المباحث التي انطلق منها السلفية لاتهام المسلمين بالشرك، فهم لما وضعوا للعبادة ملاكات جديدة غير الملاك الذي اتفق عليه المسلمون قاطبة، أدخلوا الكثير من مظاهر هذه القضايا ضمن دائرة الشرك،