الديني والتوجه نحو الانشغالات الدنيوية، والنظر إلى " الإسلام الجديد " بنوع من الحذر والريبة. ومنهم من هرب قاصدا الطرق الصوفية على اعتبار أن التعبد هو الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن أن يختلف حولها مع تجنب بعض مظاهر الشرك. وبقيت فئات عريضة داخل هذه البؤرة تتخبط في الاختلاف والتناقض وتتوزعها كيانات فكرية وحركية لا تتوقف عن الانقسام والتكاثر، كل كيان يسفه أحلام خصومه، بل يكفرهم ويرمي بهم بعيدا عن جماعة المسلمين.
الواقع أنني كنت ممن اكتوى بنار هذا الاختلاف وأصابه شرر من لهيبها المتطاير، أيام بل شهور وشهور من القلق الفكري والعقائدي كادت أن تعصف بكياني الإيماني والالتزامي. لكن العناية الإلهية أدركتني في الوقت المناسب فانتشلتني من هذا التخبط الذي حشرت فيه، وأمدتني بالقوة والعزم الكافيين لمواصلة مسيرة البحث والدراسة لمعرفة أسباب الخلاف وعوامله ومن يقف وراءه. فعقدت العزم لدراسة المذاهب الإسلامية المتعددة والتعرف على رجالاتها وكتبهم والبحث عن الدراسات المهمة التي تعالج قضية المذهبية وتاريخ المذاهب. ولما لم يكن ذلك متيسرا في وطني لقلة المراجع والمصادر الخاصة بالمذاهب الإسلامية المختلفة قررت السفر إلى الشرق لتحقيق هذا الغرض.
لن أسترسل في ذكر تفاصيل أسفاري وقراءاتي وتخصصي في علم الاجتماع الديني، لكنني قد أكون اكتشفت حقائق كثيرة كانت غائبة عني وعن أبناء جيلي من أبناء الصحوة. منها أن العالم الإسلامي لا تتوزعه جغرافية سياسية فقط، وإنما هناك جغرافية مذهبية وأيديولجية كذلك. حدود خفية ودقيقة يتم الحفاظ عليها وحراستها أكثر من الحدود السياسية الجغرافية.
فالجزائر مثلا كان أريد لها أن تصبح سلفية؟!. فكان ذلك وأغرقت الأسواق بالمنتجات الفكرية السلفية التي غذت نهم أبناء الصحوة للمعرفة. ولبست