على يد مجموعة من المشايخ والأساتذة، على رأسهم أحمد بن عبد الدائم المقدسي المحدث الحنبلي، وابن أبي اليسر التنوخي وعبد الرحمن بن أبي عمر ابن قدامة المقدسي الحنبلي المتوفى سنة (682 ه). وغيرهم من المشايخ. كما تتلمذ على يد مجموعة من النساء المحدثات مثل زينب بنت أحمد المقدسية، وزينب بنت مكي الحرانية. درس على هؤلاء جميعا وآخرين: علوم الحديث والرجال واللغة والتفسير والفقه والأصول. وقرأ بنفسه، ونسخ كتبا بيده منها سنن أبي داود. وكان حاد الطبع حديد الذهن، قوي الحافظة، برز على أقرانه ولما يجاوز العشرين من عمره وكان أبوه يعلمه الإفتاء ويدربه عليه ليعده لخلافته بعد موته (11).
ارتقى ابن تيمية كرسي التدريس في جامع دمشق مباشرة بعد وفاة والده وكان أول درس ألقاه في التفسير حيث حضر جمع من الطلبة والعلماء فشرح وفصل وأطال وأظهر محفوظاته وتخريجاته ومدى اطلاعه الواسع. جعل الحاضرين يستحسنون طريقته ويثنون عليه. وبذلك خطا أولى خطواته نحو الشهرة والصيت الذائع.
استمر ابن تيمية في التدريس وإلقاء الدروس بالجامع، ولم يعد درسه يقتصر على التفسير بل تعداه، إلى الفقه الذي سيخوض ميدانه ليس كمقلد ناقل لفتاوى المذهب الحنبلي، ولكن كمجتهد له الحق في إبداء رأيه والتفرد بفتاوى جديدة لم يخالف بها المذهب الحنبلي فقط، بل خالف بها ما أجمعت عليه المذاهب الفقهية الأربعة. وإذا كانت تلك الفتاوى الجديدة التي أعلنها السبب الرئيسي في شهرته، فإنها كانت كذلك سببا في محنته،