السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ويزعم أنهم يقولون بمقالته. ولو أنفق ملء الأرض ذهبا ما استطاع أن يروج عليهم كلمة تصدق دعواه، وتستر هذا الفريق بالسلف حفظا لرياسته والحطام الذي يجتلبه " يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم "، وهؤلاء يتحلون بالرياء والتقشف فيجعلون الروث مفضضا والكنيف مبيضا ويزهدون في الذرة ليحصلوا الدرة (30).
لقد تضمنت الفتوى الحموية بالإضافة إلى القول بالجهة، اعتقاد ابن تيمية الخاص فيما يتعلق بالصفات الخبرية. فكل ما جاء فيها من نقول واستدلالات من القرآن والنصوص الحديثية وآراء العلماء والفقهاء المختارة إنما يهدف إلى أن هذه الصفات يجب أن تجري على الله سبحانه بحرفيتها وظهورها التصوري دون تفصيل وتأويل، بإرجاعها إلى المعاني المجازية أو الكنائية (31).
لقد اختلف علماء الكلام والمحدثون في تفسير الصفات الخبرية وبالخصوص ما ورد منها في القرآن الكريم وذهبوا مذاهب مختلفة منها:
الفريق الأول: يرى عدم البحث في تفسير لها باعتبارها آيات متشابهة، يجب إيكال علمها لله سبحانه وتعالى وهؤلاء هم المفوضة ولم يعرف عنهم تجاوز لهذا الموقف. إلا أنهم يعتقدون بتنزيه الله عز وجل وتقديسه عن التشبيه أو الجسمية.
الفريق الثاني: يرى أن هذه الآيات والأحاديث يجب أن تحمل على معاني تليق بتنزيه الذات الإلهية، سواء عن الحوادث أو الأجسام أو صفات المخلوقين بشكل عام. لأنه * (ليس كمثله شئ) * فالاستواء مثلا المذكور في الآية يمكن أن نحمله على الاستيلاء، وهذا المعنى تؤيده لغة العرب. وكذا " صفة اليد " فهي كناية عن القدرة. وهذا مذهب أغلب علماء الكلام وخصوصا مدرسة