وفي الأحاديث الصحاح والحسان ما لا يحصي، مثل قصة معراج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ونزول الملائكة من عند الله وصعودهم إليه... ثم استرسل في ذكر الآيات والأحاديث وبعض أشعار العرب وأقوال السلف.
ليجزم قائلا في تحد وجرأة قل نظيرها "... ثم ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله، ولا عن أحد من سلف الأمة ولا من الصحابة والتابعين، ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف حرف واحد يخالف ذلك لا نصا ولا ظاهرا، ولم يقل أحد منهم قط أن الله ليس في السماء، ولا أنه ليس على العرش، ولا أنه ليس في كل مكان. ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل ولا منفصل. ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها، بل قد ثبت في الصحيح عن جابر أن النبي لما خطب خطبته العظيمة يوم عرفات في أعظم مجمع حضره رسول الله. جعل يقول: ألا هل بلغت؟ فيقولون: نعم، فيرفع إصبعه إلى السماء، وينكبها إليهم فيقول: اللهم إشهد، غير مرة، وأمثال ذلك كثيرة (27).
وبذلك يكون قد أثبت لله جهة هي جهة العلو. والذي يقرأ كلامه في حمويته، يخيل إليه أن الحق كل الحق هو ما نطق به، وأن على خصومه التسليم. لأن كل القرآن وكل السنة وكل علماء السلف وأئمة المذاهب يذهبون مذهبه. لكن الحقيقة إنك ستجد نفسك مندهشا لجرأة هذا الرجل على قول ذلك، وهاهي كتب خصومه تزخر طافحة بما تضمنته من نقول عن المصادر الحديثية وأقوال الصحابة ورجال السلف والأئمة بما يخالف ما ذهب إليه جملة وتفصيلا!.
فقد ذهب كثير من علماء السلف والخلف إلى تنزيه الله تعالى عن الجهات الست، بمعنى أنه لا تحويه جهة منها، بل كلها متساوية عنده تعالى. فالجهات