أهل السنة، ممثلة في الأشعري وأصحابه والماتريدي ومن تبعه.
أما الفريق الثالث: وهم حشوية أهل الحديث، فإنهم يذهبون إلى أن آيات الصفات وجل الأحاديث الواردة في هذا الباب يجب أن تفهم على حقيقتها بغير تأويل. على أساس أن الكلمة المستعملة إذا كانت تحتوي على معنيين تصلح للدلالة على كل منها: أحدهما قريب للذهن والآخر بعيد، يجب أن نحمل اللفظ على معناه القريب المتبادر إلى الذهن على سبيل المثال فإن الاستواء يطلق على التمكن من الشئ والجلوس عليه ويطلق كذلك على الاستيلاء. لكن دلالة الاستواء على الجلوس أقرب، فيحمل اللفظ على معناه القريب. ويلزم هذا المذهب القول بالتجسيم ما دام لا يحتمل التأويل. وأقر به بعضهم كابن الزاغوني وابن حامد وابن مسنده ممن ينتسبون إلى المذهب الحنبلي ولم يخالفوا في أن يتصف الله بالجسمية (32).
ولما كان ابن تيمية صادرا عن هذا المذهب متشبعا بآرائه، فإنه سيحاول الالتفاف على هذا القول الصريح في التجسيم. يقول في الفتوى الحموية:
" ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل، فلا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، كما لا يمثلون ذاته بذات خلقه، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، فيعطلون أسماءه الحسنى يحرفون الكلم عن مواضعه. أما المعطلون، - لا يقصد بهم المعتزلة أو الجهمية فقط بل كذلك كل من أول تلك الصفات من أهل السنة - فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو لائق بالمخلوق، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات، فقد جمعوا بين التمثيل والتعطيل، مثلوا أولا وعطلوا آخرا... (33).