كالوجود في جهة واحدة والاستواء على العرش حقيقة. والحركة والانتقال، وأن الوجه والأيدي والأعين والأرجل المذكورة في بعض الآيات والأحاديث إنما هي على الحقيقة دون المجاز (15).
لقد كانت الفتوى الحموية السبب الرئيسي لمحنته وشهرته معا. وذلك لأن ابن تيمية سيبدأ بعرض هذه العقيدة على العامة ومن على منبر الجامع في دمشق. يقول ابن بطوطة في رحلته تحت عنوان " الفقيه ذي اللوثة (16) كان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين ابن تيمية. كبير الشام يتكلم في الفنون، إلا أن في عقله شيئا... إلى أن قال: وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم. فكان من جملة كلامه أن قال: " إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كنزولي هذا ونزل درجة من المنبر " (17).
وهذه الحادثة ذكرها أكثر من واحد. إلا أنها ليست المأخذ الوحيد لدى خصومه من أهل السنة، لأن أغلبهم سيعتمد على ما ورد في الفتوى الحموية وكذا ما يتناقله الطلبة والعامة من مستمعيه في المسجد الجامع.
لقد وصلت عقيدة ابن تيمية وفتاواه مسامع العلماء المعاصرين له فقاموا للرد عليه ولبيان أن مذهبه في الصفات الخبرية، يفضي إلى التجسيم والتشبيه، وهو خلاف التنزيه الذي يعتقده أهل السنة والجماعة من الأشاعرة. كما ردوا على فتاويه الفقهية، إما لمخالفتها الإجماع - أي إجماع فقهاء المذاهب الأربعة - أو لخطئها وعدم صحتها بالمرة.
إن إعلان ابن تيمية لعقيدة التجسيم وغيرها من الآراء الفقهية المخالفة وما