أحمد بن حنبل، وأن ما يعتقدونه ويؤمنون به هو اعتقاد أحمد.
فقد أثبت ابن الجوزي بطلان هذا الادعاء. وهذا يعضد ما ذهبنا إليه من أن الحشوية من أهل الحديث إنما صنعوا لهذا الإمام مذهبا خاصا في الأصول والفروع ليتستروا وراءه، ومن ثم نقلوا تراثهم العقائدي لهذا المذهب، فأصبح لهم إمام ومذهب يجمع شملهم بعدما تقطعتهم كثرة المذاهب والاتجاهات، ولم يجدوا ملجأ يحميهم من ضربات أهل التنزيه الأوائل - أي المعتزلة - كما تعرضوا لضربات متلاحقة من أهل السنة والجماعة من أشاعرة وما تريدية بعد ذلك.
إن الحشوية الحنبلية أو السلفية كما يحبون أن يطلق عليهم ليسوا فرسان التشبيه والتجسيم فقط. وإنما اطلع العلماء والمحققون على معتقدات أخرى أضافوها إلى اعتقاداتهم هذه. والتي جاءت كثمار لهذا الحشو الحديثي الهائل، ثم قطفها والإيمان بها وترويج اعتقادها بين جماهير العامة.
وإذا كانت معتقدات التجسيم والتشبيه تمثل الانحراف الذي أصاب عقيدة الإسلام التوحيدية وحجم المؤامرات التي تعرض لها الإسلام، خصوصا من طرف أهل الكتاب وعلى رأسهم اليهود الذين استطاعوا عبر المتأسلمة منهم أن يرفدوا تراث الإسلام بزخم هائل من الإسرائيليات، انتظمت في عقائد الحشو وأصبحت مدرسة وتيارا إسلاميا له أتباعه ومقلدوه. فإن الترويج لعقائد أخرى مثل الجبر وطاعة السلطان الجائر، قد كان لها من الوقع السئ والتأثير السلبي ما ظهرت معالمه واضحة في العالم الإسلامي. خصوصا في قرونه الأخيرة، حيث لعبت عقائد الجبر خصوصا دورا بارزا في تكريس حالة الجمود والتخلف والانحطاط الحضاري الذي أصاب المجتمعات الإسلامية.
ومسألة الجبر من المباحث التي تناولتها أقلام العلماء والمفكرين المعاصرين بالتحليل والنقد، وبينت جذورها وآثارها السلبية. ونحن لا نستطيع في هذا البحث أن نعرض لهذه المسألة بالشرح والتفصيل، فقد أفردت لها كما قلت