حلقة الحسن البصري وخاطبه بأن هؤلاء - ويقصد ملوك بني أمية - يقتلون المسلمين ويقولون إن الله كتب علينا ذلك. فهل من يفعل ذلك يعتبر مؤمنا أم كافرا؟. تقول الرواية إن واصل ابن عطاء وكان من تلامذة الحسن قد استبق شيخه في الإجابة، وقال إن من يرتكب ذلك - أي كبيرة القتل - لا يعد مؤمنا ولا كافرا إنما هو في منزلة بين المنزلتين. وقام واعتزل حلقة الحسن البصري (200).
كما أن يوحنا الدمشقي الفيلسوف المسيحي الذي اعتزل خدمة الأمويين - وقد كان محاسبا لمعاوية - كان يقول ويدعي أن الإسلام ليس إلا عقيدة الجبر. ولا شك أن هذه العقيدة المنحرفة أخذها وسمع بها في بلاط معاوية أثناء خدمته، فمعاوية كان يعتقده - أي الجبر - فعلا ويعتبره من عقائد الإسلام، لذلك لما سألته أم المؤمنين عائشة عن سبب تنصيب ولده يزيد خليفة على رقاب المسلمين أجابها: " إن أمر يزيد قضاء من القضاء وليس للعباد الخيرة من أمرهم ". (201).
إن الكم الهائل من أحاديث الجبر التي وضعها أتباع الأمويين وبتشجيع منهم، لم تجد طريقها فقط نحو متون الأحاديث وموسوعاته. بل تحولت مع مرور الأيام وبعد أن تلقاها الفقهاء والمحدثون بالقبول إلى عقيدة الجماهير