يدل على اعتبار الرجوع ليومه الذي لازمه بيتوته إلى أهله ولو كفى الرجوع مطلقا لما كان وجه لتقييد " مسيرة اليوم " بحيثية البيتوتة في الأهل، وليس ذلك من باب الاستناد إلى مفهوم الوصف، بل من باب الاعتماد على مفهوم الحد في مقام تحديد المسافة الموجبة للقصر فعلا، ولعدم القصر فعلا.
والجواب عنها ما مر مرارا من أن مقام التحديد مقام إعطاء المقياس والميزان وإرادة مقدار يوم، وليس ما في الرواية بأقوى من قوله (عليه السلام): " جرت السنة ببياض يوم " (1) فإنه لا يراد منه وقوع السير في النهار بحيث يعود ليلا إلى منزله في المسافة التلفيقية فكذا المراد هنا أن المسافة التلفيقية بمقدار بحيث إذا ذهب ورجع بات عند أهله، مع أن تمام النظر إلى أنه لا يقصر ولا يفطر لمروره بقريته في مسافته الملفقة لا في مقام الحكم بالقصر والافطار ليدقق النظر في قيود الكلام بملاحظة مقام التحديد.
الثالثة:
ما حكاه بعض علماء العامة حيث قال روي عن علي (عليه السلام): " إنه خرج إلى النخيلة فصلى بهم الظهر ركعتين ثم رجع من يومه " (2). نظرا إلى أنه لولا دخله في الحكم لما ذكره الراوي وإلا لكان بمنزلة، ثم أكل، أو شرب، أو نام.
وهي بعد فرض كون مقصده النخيلة دون الأنبار الذي أغار عليها عساكر الشام، ومع الغض عن كونها عامية لا حجية لها، مدفوعة بأن ذكر الرجوع ليومه ليس لدخله في القصر، بل لما حكي في هذه القضية أنه (عليه السلام) لما غضب من تخاذل أصحابه خرج ماشيا إلى النخيلة فلحقه الأشراف وقالوا: نكفيك المؤونة، فرجع (عليه السلام) من يومه.