ومما ذكرنا تبين أن إطلاق قوله (عليه السلام): " فإذا مضوا قصروا (1) " في رواية منتظر الرفقة موافق للقاعدة فلا مانع من الأخذ به. كما أنه اتضح حال فرض آخر من فروض المسألة، وهو ما إذا قطع مقدارا من المسافة مترددا فإن ضم ما بعد زوال التردد إلى ما قبله إذا كان المجموع مسافة باسقاط ما تخلل بينهما لا مانع منه.
نعم ضم ما في حال التردد غير صحيح إلا إذا كان يسيرا بحيث يعد عرفا أن قطع ثمانية فراسخ عن قصدها.
الأمر الرابع هل يجزي ما صلاه قصرا قبل التردد، وقبل بلوغ أربعة فراسخ أم يجب تداركها؟.
المشهور هو الأول، ومرجع الأمر إلى أن بقاء القصد إلى بلوغ أربعة فراسخ، أو نفس بلوغ أربعة فراسخ شرط متأخر لوجوب القصر من أول الأمر أم لا. وما يمكن الاستناد إليه لما هو المشهور من الأجزاء أمران:
أحدهما ما في ذيل رواية منتظر الرفقة بعد حكمه (عليه السلام) بالاتمام حال التردد قبل بلوغ أربعة فراسخ وهو هكذا: " قلت: أليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه أذان مصرهم الذي خرجوا منه؟ قال (عليه السلام): بلى إنما قصروا في ذلك الموضع لأنهم لم يشكوا في مسيرهم وإن السير سيجد (2) بهم فلما جاءت العلة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا ". (3) وتقريبه: إن السائل فهم التنافي بين وجوب الاتمام حال التردد ووجوب القصر واقعا قبله، لاشتراك الصورتين في كون السير أقل من بريد، وأفاد وجوب القصر ببيان ملزومه وهو البلوغ إلى حد الترخص، فقوله: " أليس قد بلغوا.. الخ " مقتضاه أليس بلغوا الموضع الذي يجوز فيه القصر مع أنه أقل من بريد، فكيف يجب