المبحث الثاني إذا نوى الإقامة ثم عدل عنها بطلت الإقامة إلا إذا صلى فريضة واحدة تامة.
وتنقيح الكلام برسم أمور في المقام:
أحدها: بيان أنحاء ما يتصور من شرطية نية الإقامة في المقام وتأثير العدول ودخل فريضة تامة في بقاء الأحكام فنقول: إن نية الإقامة تارة رافعة لأحكام السفر، وأخرى قاطعة لموضوعه، أما إذا قلنا بأنها رافعة للأحكام فنية الإقامة تارة شرط حدوثا وبقاء وأخرى حدوثها شرط لثبوت الأحكام حدوثا وبقاء فإن كانت شرطا وبقاء فليس للعدول شأن إلا ارتفاع نية الإقامة، وبزوال الشرط يزول المشروط وهو وجوب الاتمام مثلا وحينئذ ففعل صلاة تامة المقارنة لشرطها وهي نية الإقامة حالها، شرط بدلا عن نية الإقامة عند ارتفاعها فالعدول بعد الصلاة لا أثر لها، فبقاء الأحكام تارة مستند إلى نية بحدوثها شرطا لثبوت الأحكام حدوثا وبقاء، فبقاء النية لا أثر له حتى يكون العدول بعنوان ارتفاعها وبعنوان زوال الشرط، فإن النية الحادثة يستحيل ارتفاعها وانقلابها عما هي عليه، والباقية إلى زمان العدول لا شرطية ولا أثر لها شرعا، بل يكون بعنوان نفسه رافعا لأثر تلك النية من حين تحققه لا من حين تحققها، فإنه من قبيل الشرط المتأخر المستحيل بطبعه. وفعل صلاة تامة قبل العدول مانع متقدم عن تأثير العدول، وأما كون نية الإقامة شرطا حدوثا وإناطتها في بقاء الأحكام بفعل الاتمام، فهو محال لأن وجوب الاتمام لا يعقل أن يكون مشروطا بنفس الاتمام، لأن ذلك طلب الحاصل من وجه، وعلية الشئ ء لنفسه من وجه آخر كما أن كون النية المستمرة شرطا لحدوث الأحكام وبقائها أيضا محال، لكون بقاء النية شرطا متأخرا لحدوث الأحكام من الأول. فالفرض الصحيح بحسب مقام الثبوت ما فرضناه أولا وثانيا.
وأما إذا قلنا بأن نية الإقامة قاطعة لموضوع المسافر كما هو المعروف، فربما ينسبق إلى الذهن إنه لا معنى لشرطية نية الإقامة حدوثا وبقاء لأن انقطاع السفر ليس